والحاصل: أن الفتح في المحصنات على وجهين:
أشهرهما: أنه أُسند الإحصان إلى غيرهن وهو: إما الأزواج أو الأولياء، فإن الزوج يحصن امرأته؛ أي: يعفَّها، والولي يحصنها بالتزويج، والله يحصنها بذلك.
والثاني: أن هذا المفتوح الصاد بمنزلة المكسور، يعني أنه اسم فاعل، وإنما شذ فتح عين اسم الفاعل في ثلاثة ألفاظ: أحصن فهو محصن، وأفلج فهو ملفج، وأسهب فهو مسهب، وأما الكسر فإنه أسند الإحصان إليهن؛ لأنهن يحصن أنفسهن بعفافهن أو يحصن فروجهن بالحفظ، أو يحصن أزواجهن. ﴿غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ جمع مسافح، اسم فاعل من سافح من باب فاعل، وأصله من السفح وهو الصب، وإنما سمي الزنا سفاحًا لأن الزاني لا غرض له إلا صب النطفة، وقضاء الشهوة فقط. ﴿أُجُورَهُنَّ﴾ جمع أجر، وهو في الأصل الجزاء الذي يعطى في مقابلة شيء ما من عمل، أو منفعة، والمراد به هنا المهر.
﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا﴾ الاستطاعة: كون الشيء في طوعك، لا يتعاصى عليك، والطول: الغنى والفضل، من مال أو قدرة على تحصيل الرغائب، يقال: طال يطول طولًا، في الأفضال والقدرة، وفلان ذو طول؛ أي: ذو قدرة في ماله. والطول بالضم ضد القصر.
﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ الأخدان: جمع خدن بكسر أوله وسكون ثانيه، وهو الصاحب، ويطلق على الذكر والأنثى، وهو الصديق للمرأة يزني بها سرًّا، قال أبو زيد: الأخدان الأصدقاء على الفاحشة. وفي "المصباح" و "القاموس" الأخدان: جمع خدن بالكسر، كحمل وأحمال، وعدل وأعدال. ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ﴾ والعنت في الأصل انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة وضرر يعتري الإنسان، وأريد به هنا ما يجر إليه الزنا من العقاب الدنيوي والأخروي، يقال: عنت عنتًا من باب طرب إذا ارتكب الزنا، وفي "القاموس": والعنت محركًا الفساد، والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان، ولقاء الشدة والزنا والوهن والانكسار واكتساب المآثم، وأعنته غيره، وعنته تعنيتًا إذا شدد عليه وألزمه ما يصعب عليه.


الصفحة التالية
Icon