البلاغة
وقد تضمنت هاتان الآيتان أنواعًا من البلاغة:
منها: التكرار بلفظ المؤمنات في قوله: ﴿الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾، وفي قوله: ﴿فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾، وفي قوله: ﴿فَرِيضَةً﴾ و ﴿مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾، وبلفظ: ﴿الْمُحْصَنَاتُ﴾، في قوله: ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾، وفي قوله: ﴿نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾.
ومنها: الإشارة في قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ إشارة إلى ما تقدم من المحرمات، وفي قوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ إشارةً إلى تزويج الإماء.
ومنها: الاستعارة في قوله: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾؛ أي: فرض الله، استعار للفرض لفظ الكتاب لثبوته وتقريره، فدل بالأمر المحسوس على المعنى المعقول، وفي قوله: ﴿مُحْصِنِينَ﴾ استعار لفظ الإحصان، وهو الامتناع في المكان الحصين للامتناع بالعقاب، واستعار لكثرة الزنا السفح، وهو صب الماء في الأنهار والعيون، بتدفق وسرعة. وكذلك: ﴿فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ استعار لفظ الأجور للمهور، والأجر: هو ما يدل على عمل، فجعل تمكين المرأة من الانتفاع بها كأنه عمل تعمله، وفي قوله: ﴿طَوْلًا﴾ استعارهُ للمهر يتوصل به إلى معالي الأمور.
ومنها: الطباق في قوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾؛ لأن المحصن الذي يمنع فرجه، والمسافح الذي يبذله.
ومنها: الاحتراز في قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ إذ المحصنات قد يراد بها الأنفس المحصنات، فيدخل تحتها الرجال فاحترز عنه بقوله من النساء.
ومنها: الاعتراض بقوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *


الصفحة التالية
Icon