الآيات التصريح بذلك، وفي بعضها التصريح بأحدهما، كقوله في عذاب الأمم في الدنيا ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)﴾.
٣ - ثم شرع الله سبحانه وتعالى في بيان المحرمات التي أشير إليها في أول السورة بقوله: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ وهي عشرة أنواع:
الأول: ما ذكره بقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾؛ أي: حرم عليكم أيها المؤمنون أكل الميتة.. إلا ميتة السمك والجراد؛ فإنهما مستثنيان بالحديث، والميتة: هي التي زالت حياتها بغير ذكاة شرعية، سواء مات حتف أنفه، أو ذبحه مجوسي أو وثني مثلًا، وكان أهل الجاهلية يقولون: إنكم تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل الله! واعلم أن تحريم الميتة.. موافقٌ لما في العقول؛ لأن الدم جوهر لطيف جدًّا، فإذا مات الحيوان حتف أنفه.. احتبس الدم في عروقه، وتعفن وفسد، وحصل من أكله مضار عظيمة.
والحكمة في تحريم الميتة:
١ - استقذار الطباع السليمة لها.
٢ - أنّ في أكلها مهانة تنافي عزة النفس وكرامتها.
٣ - والضرر الذي ينشأ من أكلها، سواء كانت قد ماتت بمرض، أو شدة ضعف، أو بغير ذلك.
٤ - وتعويد المسلم أن لا يأكل إلا مما كان له قصد في إزهاق روحه.
والثاني: ما ذكره بقوله: ﴿وَالدَّمُ﴾؛ أي: وحرم عليكم أكل الدم، المراد به: الدم المسفوح؛ أي: السائل المائع الذي يسفح ويراق من الحيوان وإن جمد بعد ذلك، خلاف المتجمد طبيعة؛ كالطحال، والكبد، فإنهما خصِّصَا بالحديث، وكالدم الذي يتخلل اللحم عادة؛ فإنه لا يسمَّى مسفوحًا، وكان أهل الجاهلية يملؤون الأمعاء من الدم بصبه فيها ويشوونه ويطعمونه الضيف.
وحكمه تحريم الدم: الضرر والاستقذار أيضًا، أما الضرر؛ فلأنه عسر