للحيوان، وليس سببًا مطردًا ولا غالبًا للقتل.
أما بندق الرصاص المستعمل الآن وما في حكمه، كالمسدس.. فإنه يصيد وينكأ، ولذا أفتى العلماء بجواز الصيد به. قال ابن (١) عبد البر: واختلف العلماء قديمًا وحديثًا في الصيد بالبندق والحجر والمعراض - ويعني بالبندق: قوس البندقة، وبالمعراض: السهم الذي لا ريش له، أو العصا الذي رأسها محدد - قال: فمن ذهب إلى أنه وقيذ.. لم يجزه إلا ما أدرك ذكاته، على ما رُوي عن ابن عمر، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وأصحابه، والثوري، والشافعي، وخالفهم الشاميون في ذلك، قال الأوزاعي: في المعراض كله خرق أو لم يخرق، فقد كان أبو الدرداء، وفضالة بن عبيد، وعبد الله بن عمر، ومكحول.. لا يرون به بأسًا، قال ابن عبد البر: هكذا ذكر الأوزاعي عن عبد الله بن عمر، والمعروف عن ابن عمر ما ذكر مالك في نافع قال: والأصل في هذا الباب - والذي عليه العمل، وفي الحجة - حديث عدي بن حاتم، وفيه "ما أصاب بعرضة فلا تأكل، فإنه وقيذ" انتهى.
قلت: والحديث في "الصحيحين" وغيرها عن عدي قال: قلت: يا رسول الله إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: "إذا رميت بالمعراض فخرق فكله، وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ فلا تأكله". فقد اعتبر النبي - ﷺ - الخرق وعدمه، فالحق أنه لا يحل إلا ما خرق، ولا ما صدم، فلا بدَّ من التذكية قبل الموت، وإلا كان وقيذًا. وأما البنادق المعروفة الآن - وهي بنادق الحديد التي تحمل فيها البارود والرصاص ويُرمى بها - فلم يتكلم عليها أهل العلم؛ لتأخر حدوثها؛ فإنها لم تصل إلى الديار اليمنية إلا في المئة العاشرة من الهجرة، وقد سألني جماعة من أهل العلم عن الصيد بها إذا مات ولم يتمكن الصائد من تذكيته حيًّا؟ والذي يظهر لي.. أنه حلال؛ لأنها تخرق وتدخل في الغالب من جانب منه، وتخرج من الجانب الآخر، وقد قال - ﷺ - في الحديث السابق: "إذا رميت