قطرب، والنُّصب: واحد الأنصاب، وهي حجارة كانت حول الكعبة، عددها ثلاث مئة وستون حجرًا، وكان أهل الجاهلية يذبحون عليها، ويعدون ذلك قربة، ومن هذا تعلم أن ما ذبح على النصب... هو من جنس ما أهل لغير الله، فهو داخل فيه من حيث إنه يذبح بقصد العبادة لغير الله تعالى، وخص بالذكر مع دخوله فيه؛ لإزالة وهم من يتوهم أنه قد يحل لقصد تعظيم البيت الحرام إذا لم يذكر اسم غير الله عليه، وهو من خرافات الجاهلية التي جاء الإسلام بمحوها. وقيل: ليس هذا داخلًا فيما سبق؛ إذ ذاك فيما ذكر عند ذبحه اسم الصنم، وهذا فيما قصد بذبحه تعظيم الصنم من غير ذكر لاسم الصنم. قال ابن جريج (١): كانت العرب تذبح بمكة وتنضح الدم ما أقبل من البيت، ويشرحون اللحم ويضعونه على الحجارة، فلما جاء الإسلام قال المسلمون للنبي - ﷺ -: نحن أحق أن نعظم هذا البيت بهذه الأفعال، فأنزل الله ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾.
وخلاصة ما تقدم (٢)؛ أن الله تعالى أحل أكل بهيمة الأنعام ولسائر الطيبات من الحيوان، ما دب منها على الأرض، وما طار في الهواء، وما سبح في البحر، لم يحرم إلا الميتة، والدم المسفوح، ولحم الخنزير، وما أهل به لغير الله تعالى.
وقد كان بعض العرب يذبح الحيوان على اسم غير الله، وهو شرك وفسق، وبعضهم يأكل الميتة ويقول: لم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟ ولكنَّ الفارق بينهما: ما في هذا من مظنة الضرر، وفيه مهانة للنفس، ومن ثم جعل الله حل أكل المسلم لذلك منوطًا بإتمام موته، والإجاز عليه بفعله هو؛ ليذكر اسم الله عليه، فلا يكون من عمل الشرك، ولئلا يقع في مهانة أكل الميتة وخسة آكلها بأكله المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وفريسة السبع، إلى ما في الموقوذة من إقرار الواقذ على القسوة
(٢) المراغي.