وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أن الله سبحانه وتعالى لما افتتح السورة بالأمر بإيفاء العهود، وَذَكَرَ تحليلًا وتحريمًا في المطعم والمنكح واستقصى ذلك، وكان المطعم آكد من المنكح وقدمه عليه، وكان النوعان من لذات الدنيا الجسيمة ومهماتها للإنسان، وهي معاملات دنيوية بين الناس بعضهم من بعض.. استطرد منها إلى المعاملات الأخروية التي هي بين العبد وربّه سبحانه وتعالى.
ولما كان أفضل الطاعات بعد الإيمان الصلاة، والصلاة لا تكمن إلا بالطهارة.. بدأ بالطهارة وشرائط الوضوء، وذكر البدل عنه عند تعذر الماء، ولما كانت محاولة الصلاة في الأغلب إنّما هي بالقيام.. عبر بلفظ ﴿إِذَا قُمْتُمْ﴾؛ أي: إذا أردتم القيام إلى الصلاة.
وعبارة المراغي هنا (٢): واعلم أن بين العبد وربه عهدين: عهد الربوبية والإحسان، وعهد العبودية والطاعة، وبعد أن وفى له بالعهد الأول، وبيَّن له ما يحل وما يحرم من لذات الحياة في الطعام والنكاح.. طلب إليهم الوفاء بالعهد الثاني، وهو عهد الطاعة، وأعظم الطاعات بعد الإيمان الصلاة، والصلاة لا يمكن إقامتها إلا بالطهارة، لا جرم بدأ الله بذكر فرائض الوضوء.
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين (٣) طائفة من الأحكام المتعلقة بالعادات.. ذكرنا بعهده وميثاقه علينا، وما التزمناه من السمع والطاعة له ولرسوله بقبول دينه الحق، لنقوم به مخلصين.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (٤) أمر عباده بالوفاء بالعقود عامة، ثم امتن عليهم بإباحة كثير من الطيبات لهم، وتحريم ما يضرّهم
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.
(٤) المراغي.