والشقاء بعد دخولهم فيها، ويقصدونه بقلوبهم إذا رفعهم لهب النار إلى فوق. وقيل: يكادون يخرجون منها لقوة النار ودفعها لهم، ولكن لا يقدرون ذلك. وقرأ الجمهور (١) ﴿أَنْ يَخْرُجُوا﴾ مبينًا للفاعل، ويناسبه: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾. وقرأ النخعي وابن وثاب وأبو واقد: ﴿أَنْ يَخْرُجُوا﴾ مبنيًّا للمفعول، ويضعف هذه القراءة وما هم بخارجين من النار. ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ﴾ ألبتة، وإنَّما قال: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ﴾ بدل وما يخرجون للمبالغة ﴿وَلَهُمْ﴾؛ أي: للكافرين خاصة دون عصاة المؤمنين ﴿عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾؛ أي: دائم، ثابت، لا يزول عنهم، ولا ينقطع ولا ينتقل أبدًا، تارة بالبرد، وتارة بالحر، وتارة بغيرهما.
الإعراب
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾.
﴿وَاتْلُ﴾: (الواو): عاطفة أو استئنافية. ﴿اتل﴾: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة - وهي الواو - وفاعله ضمير يعود على محمَّد، والجملة معطوفة على الجملة المقدرة في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ...﴾ إلخ، يعني: اذكر يا محمَّد لقومك وأخبرهم خبر ابني آدم، أو الجملة مستأنفة استئنافًا نحويًّا. ﴿عَلَيْهِمْ﴾: جار ومجرور متعلق بـ ﴿اتل﴾. ﴿نَبَأَ﴾: مفعول به، وهو مضاف. ﴿ابْنَيْ﴾: مضاف إليه وهو مضاف. ﴿آدَمَ﴾: مضاف إليه مجرور بالفتحة؛ لأنَّه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية والعجمية. ﴿بِالْحَقِّ﴾: جار ومجرور (٢) متعلق بمحذوف صفة لمصدر محذوف تقديره: واتل عليهم تلاوةً متلبسة بالحق والصدق، حسبما تقرر في كتب الأولين. وفي "السمين" قوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ فيه ثلاثة أوجه (٣):
أحدها: أنَّه حال من فاعل ﴿اتل﴾ ذلك حال كونك متلبسًا بالحق؛ أي: بالصدق.

(١) البحر المحيط.
(٢) أبو السعود.
(٣) السمين.


الصفحة التالية
Icon