﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ﴾.
﴿فَبَعَثَ﴾: (الفاء): فاء الفصيحة؛ لأنَّها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنَّه قتل أخاه، وأردت بيان ما فعله بجيفة أخيه.. فأقول لك: ﴿بعث الله غرابًا﴾: ﴿بعث الله﴾: فعل وفاعل. ﴿غُرَابًا﴾: مفعول، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. ﴿يَبْحَثُ﴾: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على ﴿الْغُرَابِ﴾، والجملة صفة لـ ﴿غُرَابًا﴾. ﴿فِي الْأَرْضِ﴾: جار ومجرور متعلق بـ ﴿يَبْحَثُ﴾. ﴿لِيُرِيَهُ﴾ اللام حرف جر وتعليل. ﴿يريه﴾: فعل ومفعول أول منصوب بأنْ مضمرة جوازًا بعد لام كي: لأنّه من أرى، بمعنى عرف يتعدى بالهمزة إلى مفعولين، وفاعله ضمير مستتر فيه يعود على ﴿اللَّهُ﴾ إن قلنا اللام متعلقة بـ ﴿بعث﴾، أو على الغراب إن قلنا هي متعلقة بـ ﴿يَبْحَثُ﴾. ﴿كَيْفَ﴾: اسم استفهام في محل النصب على الحال من فاعل ﴿يُوَارِي﴾ مبني على الفتح لشبهه بالحرف شبهًا معنويًّا. ﴿يُوَارِي﴾: فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه يعود على القاتل أعني قابيل. ﴿سَوْءَةَ أَخِيهِ﴾: مفعول به ومضاف إليه، وجملة ﴿يُوَارِي﴾: في محل النصب سادة مسد المفعول الثاني لأرى؛ لأنَّها معلقة عنها باسم الاستفهام، وجملة يرى من الفعل والفاعل: صلة أنْ المضمرة، أنْ مع صلتها: في تأويل مصدر مجرور باللام، والجار والمجرور إما متعلق بـ ﴿بعث﴾ تقديره: فبعث الله غرابًا، لإراءة الله إياه كيفية مواراة سوأة أخيه، أو متعلق بـ ﴿يَبْحَثُ﴾ تقديره: غرابًا يبحث في الأرض لإراءة الغراب إياه كيفية مواراة سوأة أخيه. وفي "الفتوحات" قوله: ﴿لِيُرِيَهُ﴾ إما متعلق بـ ﴿بعث﴾، فالضمير المستتر في الفعل عائد على ﴿اللَّهُ﴾ أو متعلق بـ ﴿يَبْحَثُ﴾ فالضمير عائد على الغراب. وفي "السمين" قوله: ﴿لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي﴾ هذه اللام يجوز فيها وجهان:
أحدهما: أنَّها متعلقة بـ ﴿يَبْحَثُ﴾؛ أي: ينبش ويثير التراب للإراءة.
والثاني: أنَّها متعلقة بـ ﴿بعث﴾، وكيف معمولة لـ ﴿يُوَارِي﴾، وجملة الاستفهام معلقة للرؤية البصرية، فهي في محل المفعول الثاني سادة مسده؛ لأنَّ رأى البصرية قبل تعديتها بالهمزة متعدية لواحد، فاكتسبت بالهمزة مفعولًا آخر،