"ويضع الجزية" يعني: لا يقبلها ممن بذلها من اليهود والنصارى، ولا يقبل من أحد إلا الإِسلام أو القتل وعلى هذا قد يقال: هذا خلاف ما هو حكم الشرع اليوم، فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها منه، ولم يجز قتله ولا إجباره على الإِسلام؟
والجواب: إنَّ هذا الحكم ليس مستمرًا إلى يوم القيامة، بل هو مقيد بما قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد أخبر النبي - ﷺ - بنسخه، وليس الناسخ هو عيسى عليه السلام، بل الناسخ لهذا الحكم هو نبينا محمَّد - ﷺ -؛ لأنه هو المبين للنسخ، أو أنّ عيسى عليه السلام يحكم بشريعة محمَّد - ﷺ -، فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمَّد - ﷺ -، والله أعلم. قال - - الزجاج: هذا القول بعيد - يعني قول من قال: إن إيمان أهل الكتاب بعيسى إنما يكون عند نزوله في آخر الزمان - قال: لعموم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ قال: والذين يبقون يومئذ، يعني: عند نزوله شرذمة قليلة منهم. وأجاب أصحاب هذا القول - يعني الذين يقولون: إن إيمان أهل الكتاب بعيسى إنما يكون عند نزوله في آخر الزمان - بأن هذا على العموم، ولكنَّ المراد بهذا العموم الذين يشاهدون ذلك الوقت ويدركون نزوله فيؤمنون به.
ويكون معنى الآية: وما من أحد من أهل الكتاب أدرك ذلك الوقت إلا آمن بعيسى عند نزوله من السماء، وصحَّح الطبري هذا القول.
وقال عكرمة في معنى الآية: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد - ﷺ - قبل موت الكتابي، فلا يموت يهودي ولا نصراني حتى يؤمن بمحمد - ﷺ -، وذلك عند الحشرجة، حتى لا ينفعه إيمانه، والله أعلم.
الإعراب
﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾.
﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ﴾ ناف وفعل وفاعل ومفعول، والجملة مستأنفة


الصفحة التالية
Icon