يتلى عليكم أو فيما فرض عليكم، ويكون قوله: ﴿فَاقْطَعُوا﴾ بيانًا لذلك الحكم المقدر، فما بعد الفاء مرتبط بما قبلها، ولذلك أتي بها فيه لأنَّه هو المقصود، ولو لم يؤتِ بالفاء لتوهم أنَّه أجنبي، والكلام على هذا جملتان: الأولى: اسمية خبرية، والثانية: فعلية إنشائية.
وثانيهما: وعليه الأخفش وجماعة من النحاة: أن الخبر الجملة الإنشائية من قوله: ﴿فَاقْطَعُوا﴾ وإنَّما دخلت الفاء في الخبر لشبه المبتدأ باسم الشرط في العموم، إذ الألف واللام فيه موصولة، بمعنى الذي والتي، والصفة صلتها، فهي في قوة قولك: والذي يسرق والتي تسرق فاقطعوا أيديهما، والجملة من المبتدأ والخبر على كلا الوجهين مستأنفة كما سبق، ذلك كله في بحث التفسير. ﴿أَيْدِيَهُمَا﴾: مفعول به ومضاف إليه. ﴿جَزَاءً﴾: مفعول لأجله منصوب، بـ ﴿اقْطَعُوا﴾ فالجزاء علة للأمر بالقطع، أو منصوب على المصدرية بفعل محذوف تقديره: جازاهما الله جزاء على ما كسباه والجملة المحذوفة معللة للقطع أيضًا، كما ذكره أبو البقاء. ﴿بِمَا﴾: الباء: حرف جر بمعنى على. ﴿مَا﴾: موصولة أو مصدرية. ﴿كَسَبَا﴾: فعل وفاعل، والجملة صلة لـ ﴿مَا﴾ الموصولة، والعائد محذوف تقديره: على الذي كسباه من السرقة، أو صلة (ما) المصدرية تقديره: على كسبهما، والجار والمجرور على كلا الوجهين متعلق بـ ﴿جَزَاءً﴾. ﴿نَكَالًا﴾: مفعول لأجله منصوب (١) بـ ﴿جَزَاءً﴾ فالنكال علة للجزاء، فتكون العلة معللة بشيء آخر، فتكون كالحال المتداخلة، كما تقوله: ضربته تأديبًا له، إحسانًا إليه، فالتأديب علة للضرب، والإحسان علة للتأديب. اهـ. "سمين". ﴿مِنَ اللَّهِ﴾: جار ومجرور صفة لـ ﴿نَكَالًا﴾. ﴿وَاللَّهُ﴾: مبتدأ. ﴿عَزِيزٌ﴾ خبر أول. ﴿حَكِيمٌ﴾ خبر ثان، والجملة مستأنفة.
﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)﴾.