﴿وَلَا﴾، تحلوا ﴿الْهَدْيَ﴾: الذي يهدى به إلى البيت الحرام من الأنعام أو غيرها، للتوسعة على من هناك من عاكفٍ وبادٍ؛ تقربًا إلى الله تعالى؛ وذلك بأن تمنعوا بلوغه محله من بيت الله بأخذه غصبًا وذبحه، أو سرقته أو حبسه عند من أخذه. ﴿وَلَا﴾ تحلوا ﴿الْقَلَائِدَ﴾؛ أي: ذوات القلائد من الهدي؛ أي: ولا تحلوا الهدايا ذوات القلائد، وكأنه قال: لا تحلوا الهدي مقلدًا ولا غير مقلد، وخص المقلد بالذكر؛ لأنه أكرم الهدي وأشرفه، والقلائد: جمع قلادة، وهي ما يعلق في عنق البعير ونحوه من حبل أو غعل؛ إشعارًا بأنها هدي. ﴿وَلَا﴾ تحلوا ﴿آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾، أي: ولا تحلوا قتال قوم قاصدين البيت الحرام لزيارته بحج أو عمرة، فتصدوهم عن ذلك بأي وجه كان. وقرأ عبد الله وأصحابه ﴿ولا آمي البيت الحرام﴾ بالإضافة. وقوله: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا﴾ حال من الضمير المستكن في آمّين؛ أي: حالة كون الآمّين يطلبون ربحًا وزيادة من ربهم بالتجارة المباحة، أو المعنى: طالبين ثوبًا من ربهم ورضوانًا منه بالحج أو العمرة، يحول (١) بينهم وبين عقوبته في الدنيا؛ لئلا يحل بهم ما حل بغيرهم في عاجل دنياهم، وهذا على قراءة الجمهور بالياء.. كلام مع المشركين، كما روي عن قتادة أنه قال: هم المشركون، يلتمسون فضل الله ورضوانه فيما يصلح لهم دنياهم، وفي رواية أخرى عنه: والرضوان الذي يبتغون أن يصلح لهم معايشهم في الدنيا، وأن لا يعجل لهم العقوبة.
وقرأ حميد بن قيس والأعرج (٢): ﴿تبتغون﴾ بالتاء، خطابًا للمؤمنين، والمعنى: على الخطاب: إن المؤمنين كانوا يقصدون قتالهم والغارة عليهم، وصدهم عن المسجد الحرام، امتثالًا لأمر الله تعالى وابتغاء مرضاته، إذ أمر تعالى بقتال المشركين وقتلهم، وسبي ذراريّهم، وأخذ أموالهم حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية. وقرأ الأعمش ﴿ورضوانًا﴾ بضم الراء، وتقدم في آل عمران.. أنها قراءة أبي بكر عن عاصم، حيث وقع إلا في ثاني هذه السورة، فعنه فيه خلاف.

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon