وقرىء (١): ﴿وإذا أحللتم﴾ وهي لغة في حل، يقال: أحل من إحرامه، كما يقال: حلَّ من إحرامه. وقرأ (٢) أبو واقد، والجراح، ونبيح، والحسن بن عمران: ﴿فاصطادوا﴾ - بكسر الفاء -، قال الزمخشري: قيل: هو بدل من كسر الهمزة عند الابتداءِ بها. ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾؛ أي: لا يحملنكم بغض قوم وعدواتهم لكم؛ أي: شدة بغضكم لقوم من أهل مكة بسبب ﴿أَنْ صَدُّوكُمْ﴾ ومنعوكم ﴿عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾؛ أي: عن العمرة عامَ الحديبية على ﴿أَنْ تَعْتَدُوا﴾ وتبغوا عليهم؛ أي: لا يحملنكم بغضكم قومًا لأجل صدهم إياكم عن المسجد الحرام على ظلمكم واعتدائكم عليهم وانتقامكم منهم للتشفي من البغض.
والمعنى: ولا (٣) يحملنكم بغض قوم وعداوتهم على أن تعتدوا عليهم؛ لأنهم صدوكم عن المسجد الحرام، وقد كان المشركون صدوا المؤمنين عن العمرة عام الحديبية، فنهى المؤمنين أن يعتدوا عليهم عام حجة الوداع، وهو العام الذي نزلت فيه هذه السورة؛ لأجل اعتدائهم السابق.
وقرأ الجمهور: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ - بتشديد النون -. قرأ الحسن (٤)، وإبراهيم، وابن وثاب، والوليد عن يعقوب: ﴿يجرمنْكم﴾ بسكون النون، جعلوا نون التوكيد خفيفة. وقرأ النحويان (٥)، وابن كثير، وحمزة، وحفص، ونافع: ﴿شنآن﴾: بفتح النون. وقرأ ابن عامر، وأبو بكر، وأبو جعفر: (شنْآن) بسكونها، والأظهر في الفتح: أن يكون مصدرًا، وقد كثر مجيء المصدر على فعلان - بفتح العين -، وجوّزوا أن يكون وصفًا، وأما مجيء المصدر على فعْلان - بفتح الفاء، وسكون العين -.. فقليل. وقرأ أبو عمرو، وابن كثير ﴿إن صدوكم﴾ بكسرة الهمزة، على أنها شرطية، ويؤيدها قراءة ابن مسعود ﴿إن صدوكم﴾ وأنكر ابن جرير والنحاس
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) البحر المحيط.
(٥) أبو عمرو والكسائي.