غير سبق طالب له، يقال (١): عثر على الرجل: اطلع عليه، مشتق من العشرة التي هي الوقوع، وذلك أن العاثر إنما يعثر بشيء كان لا يراه، فلما عثر به.. اطلع عليه ونظر ما هو، فلذلك قيل: لكل من اطلع على أمر كان خفيًّا عليه قد عثر عليه، ويقال: قد عثر عليه، وقد أعثر عليه إذا أطلعه عليه، ومنه: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: أطلعنا، وأعثره عليه وقفه عليه وأعلمه به من حيث لم يكن يتوقع ذلك. وقال الليث: عثر يعثر عثورًا إذا هجم على أمر لم يهجم عليه غيره، وعثر عثرة إذا وقع وسقط على شيء. قال أبو البقاء: العثور: مصدر عثر على الشيء إذا اطلع عليه، وأما مصدر عثر في مشيه ومنطقه ورأيه، فالعثار. انتهى.
﴿الْأَوْلَيَانِ﴾: تثنية أولى بمعنى: أقرب، فقلبت الألف ياءً على حد قول ابن مالك:

آخِرَ مَقْصُوْرٍ تُثَنِّي اجْعَلْهُ يَا إِنْ كَانَ عَنْ ثَلاَثَةٍ مُرْتَقِيَا
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التكرار في قوله: ﴿لَا تَسْأَلُوا﴾ ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا﴾، وفي: ﴿تُبْدَ لَكُمْ﴾.
ومنها: الاستخدام في قوله: ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا﴾ وهو ذكر الشيء بمعنى وإعادة الضمير إليه بمعنى آخر، وهو من المحسنات البديعية؛ لأن الضمير في قوله: ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا﴾ عائد إلى الأشياء التي مست الحاجة إلى السؤال عنها، والمراد بالأشياء المنهي عن السؤال عنها: الأشياء التي لم يكن لهم حاجة إلى السؤال عنها؛ كقول بعضهم: من أبي؟ أين ضالتي؟
ومنها: التفنن في قوله: ﴿حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ حيث قال هنا: ﴿مَا وَجَدْنَا﴾، وفي البقرة: ﴿مَا أَلْفَيْنَا﴾، وقال هنا: ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾، وهناك ﴿لَا يَعْقِلُونَ﴾؛ للتفنن: وهو ذكر نوعين من الكلام؛ لثقل تكرار أحدهما على اللسان، وهو من المحسنات البديعية أيضًا.
(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon