لهم، وكذا ﴿شَهِيدٌ﴾ بمعنى شاهد.
﴿فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ هما (١) فعيل بمعنى فاعل، وفيهما من المبالغة ما ليس فيه، والحكمة لغة: الإتقان والمنع من الخروج عن الإرادة، ومنه: حكمة الدابة، والحكيم: صفة ذات إن فسر بذي الحكمة، وصفة فعل إن فسر بأنه المحكم لصنعته اهـ "سمين".
﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾: ﴿رَضِيَ﴾ من باب فعل المكسور رضًا بكسر أوله مصدر سماعي له، والقياس فتح أوله، ولكنه لم يسمع كما قال ابن مالك في خلاصته:

وَمَا أَتَى مُخَالِفًا لِمَا مَضَى فَبَابُهُ النَّقْلُ كَسُخْطٍ وَرِضَا
والاسم منه: الرضاء ممدودًا، وأصل رضوا: رضيوا استثقلت الضمة على الياء، ثم نقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركته فالتقى ساكنان وهما: الياء والواو، ثم حذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، فصار: رضوا بوزن فعوا.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التجوز في استعمال: ﴿إذ﴾ بمعنى: إذا، والماضي بعده بمعنى المستقبل في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ﴾؛ لأن هذا القول إنما يقع في يوم القيامة.
ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ﴾؛ لأنه توبيخ لقومه وتبكيت لهم على رؤس الأشهاد.
ومنها: المشاكلة والمقابلة في قوله: ﴿وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾؛ لأنه أتى بقوله: ﴿مَا فِي نَفْسِكَ﴾ على جهة المقابلة والمشاكلة لقوله: ﴿مَا فِي نَفْسِي﴾ فهو كقوله: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ وكقوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾.
ومنها: جمع المؤكَّدات في قوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾؛ لأنه أكد هذه
(١) الفتوحات ج١ ص ٤٠.


الصفحة التالية
Icon