كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} وجحدوا به ﴿يَعْدِلُونَ﴾؛ أي: يميلون عن عبادته إلى عبادة غيره من الأصنام والأحجار، فهو من العدول (١) بمعنى الميل، ولا مفعول له حينئذ. والجار والمجرور في قوله: ﴿بِرَبِّهِمْ﴾ متعلق بـ ﴿كَفَرُوا﴾، ويجوز أن يتعلق بـ ﴿يَعْدِلُونَ﴾، وقدم عليه للفاصلة، وفي ﴿الباء﴾ حينئذ احتمالان:
أحدهما: أن تكون بمعنى: ﴿عن﴾ وبعدلون من العدول أيضًا؛ أي: يعدلون عن ربهم إلى غيره.
والثاني: أنها للتعدية، ويعدلون من العدل بمعنى التسوية بين الشيئين، والمعنى: ثم الذين كفروا يسوون بربهم غيره من المخلوقين، فيكون المفعول محذوفًا. اهـ "سمين".
وعبارة "المراح" هنا: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾؛ أي (٢): يشركون به غيره، وهذه الجملة إما معطوفة على قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، والباء متعلقة بـ ﴿كَفَرُوا﴾، فيكون ﴿يَعْدِلُونَ﴾ من العدول بمعنى الميل، ولا مفعول له، والمعنى: إن الله تعالى حقيق بالحمد على ما خلقه؛ لأنه تعالى ما خلقه إلا نعمة، ثم الذين كفروا بربهم يميلون عنه فيكفرون نعمته، أو متعلقة بـ ﴿يَعْدِلُونَ﴾، وهو من العدل، ويوضع الرب موضع الضمير العائد إليه تعالى، والمعنى: إنه مختص باستحقاق الحمد والعبادة باعتبار ذاته، وباعتبار شؤونه العظيمة الخاصة، ثم هؤلاء الكفرة يسوون به غيره في العبادة التي هي أقصى غايات الشكر الذي رأسه الحمد، وإما معطوفة على قوله: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ﴾، والباء متعلقة بـ ﴿يَعْدِلُونَ﴾ وقدمت لأجل الفاصلة، وهي إما بمعنى: عن، ويعدلون من العدول، والمعنى: إن الله تعالى خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم الذين كفروا يعدلون عن ربهم إلى غيره، أو للتعدية و ﴿يَعْدِلُونَ﴾ من العدل، وهو التسوية، والمعنى: أنه تعالى خلق هذه الأشياء العظيمة التي لا يقدر عليها أحد سواه، ثم إنهم يعدلون به جمادًا لا يقدر على شيء أصلًا، فيكون المفعول
(٢) المراح.