إلى النظر كما يفصح عنه العطف بالفاء في قوله: (﴿فَانْظُرُوا﴾ في آية آخرى بخلاف وجوب النظر فإنه ذاتي مقصود في نفسه. انتهى.
وقال النسفي: والفرق بين (١) ﴿فَاَنظُرُوا﴾ وبين ﴿ثُمَّ انْظُرُوا﴾ أن النظر جعل مسببًا عن السير في ﴿فَانْظُرُوا﴾، فكأنه قيل: سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين. ومعنى ﴿سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا﴾ إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها، وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك بـ ﴿ثُمَّ﴾ لتباعد ما بين الواجب والمباح انتهى.
قال أبو حيان (٢): والظاهر أن السير المأمور به هو الانتقال من مكان إلى مكان، وإن النظر المأمور به هو نظر العين، وإن الأرض هي ما قرب من بلادهم من ديار الهالكين بذنوبهم، كأرض عاد ومدين ومدائن قوم لوط وثمود وقال قوم الأرض هنا عام؛ لأن في كل قطر منها آثار الهالكين وعبرًا للناظرين.
والخلاصة (٣): قل يا محمد لأولئك المكذبين الجاحدين حقيقة ما جئتهم به: سيروا في الأرض كما هو دأبكم وعادتكم، وتنقلوا في ديار أولئك القرون الذين مكناهم في الأرض ومكنا لهم ما لم نمكن لكم، ثم انظروا في أثناء رحلاتكم آثار ما حل بهم من الهلاك، وتأملوا كيف كانت عاقبتهم بما تشاهدون من آثارهم وما تسمعون من أخبارهم، ثم اعتبروا إن لم تنهكم حلومكم ولم تزجركم حجج الله عليكم، واحذروا مثل مصارعهم، واتقوا أن يحل بكم مثل ما حل بهم.
الإعراب
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾.
﴿الْحَمْدُ﴾: مبتدأ. ﴿لِلَّهِ﴾: خبره، والجملة مستأنفة. ﴿الَّذِي﴾: اسم موصول في محل الجر صفة للجلالة. ﴿خَلَقَ﴾: فعل ماضٍ. ﴿السَّمَاوَاتِ﴾: مفعول به. ﴿وَالْأَرْضَ﴾: معطوف عليه، والفاعل ضمير يعود على الموصول،

(١) النسفي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon