وضمها وكسر العين في الثاني على أن الضمير يعود إلى الولي المذكور.
وفي قراءة من قرأ باختلاف الفعلين تجنيس التشكيل، وهو أن يكون الشكل فرقًا بين الكلمتين، وسماه أسامة بن منقذ في بديعته: تجنيس التحريف، وهو بتجنيس التشكيل أولى كما سيأتي إن شاء الله تعالى في مبحث البلاغة، ذكره أبو حيان في "البحر".
﴿قُلْ﴾ يا محمد لكفار قومك ﴿إِنِّي أُمِرْتُ﴾ من جناب الله تعالى ﴿أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ من هذه الأمة؛ أي: استسلم لأمر الله وانقاد إلى طاعته ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾؛ أي: وقيل لي: ولا تكونن يا محمد من المشركين بالله تعالى في أمر من الأمور، والمعنى: أمرت بالإسلام، ونهيت عن الإشراك؛ أي: قل (١) لهم بعد أن استبانت لديكم الأدلة على وجوب عبادة الله وحده، وعدم اتخاذ غيره وليًّا: إني أمرت من ربي الموصوف بجليل الصفات أن أكون أول من أسلم إليه، وانقاد لديه من هذه الأمة التي بعثت فيها، فلا أدعو إلى شيء إلا كنت أول مؤمن به سائر على نهجه. ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾؛ أي: وقيل لي بعد إسلام الوجه له: لا تكونن من المشركين الذين اتخذوا من دونه أولياء ليقربوهم إليه زلفى.
١٥ - وبعد أن أمره بهذا القول المبين لأساس الدِّين، وبين أنه مأمورًا به كغيره.. أمره بقول آخر فيه بيان لجزاء من خالف الأمر والنهي السالفين، فقال: ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين دعوك إلى عبادة غيري: إن ربي أمرني أن أكون أول من أسلم، ونهاني عن عبادة شيء سواه، و ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ﴾ وخالفت ﴿رَبِّي﴾ فيما أمرني به ونهاني عنه فعبدت شيئًا سواه ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾؛ أي: عذابًا عظيمًا شديدًا في يوم عظيم شديد هوله وهو يوم القيامة؛ أي: إني (٢) أخاف عذاب يوم عظيم - وهو يوم القيامة - إن عصيت ربي، فالشرط معترض بين الفاعل والمفعول به، محذوف الجواب كما سيأتي في مبحث الإعراب إن شاء الله تعالى.
(٢) النسفي.