ومعينًا، وهذا الخطاب وإن كان للنبي - ﷺ -، فهو عام لكل أحد، والمعنى: وإن يمسسك الله بضر أيها الإنسان.. فلا كاشف لذلك الضر إلا هو، وإن يمسسك بخير أيها الإنسان.. فهو على كل شيء قدير من دفع الضر وإيصال الخير.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف رسول الله - ﷺ - يومًا، فقال لي: "يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإنْ اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" أخرجه الترمذي، زاد فيه رزين "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة"، وفيه: "وإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فاصبر، فإن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا واعلم أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، ولن يغلب عسر يسرين". قال ابن الأثير: وقد جاء نحو هذا أو مثله بطوله في "مسند" أحمد بن حنبل انتهت.
فعلى (١) المؤمن الصادق في إيمانه أن لا يطلب شيئًا من أمور الدنيا والآخرة من كشف ضر، وصرف عذاب، أو إيجاد خير، ومنح ثواب إلا من الله تعالى وحده دون غيره من الشفعاء والأولياء الذين لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا. وهذا الطلب من الله؛ إما بالعمل ومراعاة الأسباب التي اقتضتها سنته في الخلق، ودل عليها الشرع وهدى إليها العقل؛ وإما بالتوجه إليه ودعائه كما ندب إلى ذلك كتابه الكريم، وسنة نبيه - ﷺ - قال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.
١٨ - وبعد أن أثبت سبحانه وتعالى لنفسه كمال القدرة.. أثبت لها كمال السلطان والتسخير لجميع عباده، والاستعلاء عليهم مع كمال الحكمة والعلم المحيط بخفايا الأمور؛ ليرشدنا إلى أن من اتخذ الأولياء.. فقد ضل ضلالًا بعيدًا فقال: ﴿وَهُوَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾؛ أي (٢): الغالب
(٢) الخازن.