يطول بنا الكلام في ذكره، أفاده في "الفتوحات" وإنما اختاروا (١) التخفيف في قراءة من خففها فرارًا من اجتماع مشددين في كلمة واحدة، وهما: الجيم والنون.
وقال أبو عبيدة (٢): وإنما كره التثقيل من كرهه للجمع بين ساكنين، وهما: الواو والنون، فحذفوها. قال أبو جعفر: والقول في هذا قول سيبويه، ولا ينكر الجمع بين ساكنين إذا كان الأول حرف مد ولين، والثاني مدغمًا كما هنا.
﴿وَقَدْ هَدَانِ﴾ بحذف الياء؛ لأن الكسرة تدل عليها، والنون عوض منها إذا حذفتها، وإثباتها حسن.
﴿سُلْطَانًا﴾ السلطان: الحجة والبرهان. ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ لم يلبسوا: لم يخلطوا، والظلم هنا: هو الشرك في العقيدة أو العبادة؛ كاتخاذ ولي من دون الله يدعى معه، أو من دونه، والله أعلم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق في قوله: ﴿يَنْفَعُنَا﴾ و ﴿يَضُرُّنَا﴾، و ﴿الْغَيْبِ﴾ و ﴿الشَّهَادَةِ﴾.
ومنها: التقبيح والتشنيع في قوله: ﴿وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا﴾ عبر بالرد على الأعقاب عن الشرك لزيادة تقبيح الأمر وتشنيعه؛ لأنها المشية الدنية.
ومنها: التشبيه في قوله: ﴿كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ﴾.
ومنها: التكرار في قوله: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى﴾ مع ما قبله.
ومنها: التخصيص بعد التعميم في قوله: ﴿وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ بعد قوله: ﴿لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ اهتمامًا بشأن الصلاة.
ومنها: التكرار في قوله: ﴿فَلَمَّا رَأَى﴾، وفي قوله: ﴿فَلَمَّا أَفَلَ﴾، وفي قوله: ﴿هَذَا رَبِّي﴾، وفي قوله: ﴿بَازِغًا﴾.
(٢) إعراب النحاس.