الخاصة، وتبعهم العامة؛ إذ جهلوا أحكامه وحكمه حتى لقد بلغ الأمر بنابتتها، ألا ترى سببا لركود ريحها إلا اتباع القرآن، والعمل بهذا الدين: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾.
٦ - ﴿فـ﴾ وعزتي وجلالي ﴿لَنَسْئَلَنَّ﴾ الأمم ﴿الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾؛ أي: الأمم التي أرسلت إليهم الرسل جميعا في موقف الحساب يوم القيامة توبيخا وتقريعا لهم هل بلغت الرسل إليكم أوامري، وماذا أجبتم، وماذا عملتم من إيمان وكفر؟ ولا (١) معارضة بين هذه الآية التي تثبت السؤال العام، وبين قوله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩)﴾ وقوله: ﴿وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ لأن ليوم القيامة مواقف متعددة، والسؤال والجواب والاعتذار يكون في بعضها دون بعض.
﴿وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾؛ أي: الرسل عن إبلاغ تكاليفي إلى الأمم تأنيسا واستشهادا لهم. قال ابن عباس: معناه نسأل الناس عما أجابوا المرسلين، ونسأل المرسلين عما بلغوه، والمراد بالسؤال حينئذ تقريع الكفار وتوبيخهم كما مر.
٧ - ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: على المرسلين والأمم حين سكتوا بما عملوا في الدنيا ﴿بِعِلْمٍ﴾؛ أي: فلنخبرنهم حين سكتوا عن الجواب بما فعلوا في الدنيا إخبارا ناشئا عن علم ويقين.
أي: فلنقصن على الرسل، وعلى أقوامهم الذين أرسلوا إليهم كل ما وقع من الفريقين قصصا بعلم منا محيط بكل ما كان منهم، فلا يعزب عنه مثقال ذرة، وقد روي عن ابن عباس أنه يوضع الكتاب يوم القيامة، فيتكلم بما يعملون.
﴿وَما كُنَّا غائِبِينَ﴾ عن إبلاغ الرسل، وعما أجابت به أممهم حتى يخفى علينا شيء من أحوالهم؛ أي: وما كنا غائبين عنهم في وقت من الأوقات، ولا حال من الأحوال، بل كنا معهم نسمع ما يقولون، ونبصر ما يعملون، ونحيط

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon