تتذكرون بتاءين أولاهما تاء المضارعة، والثانية تاء المطاوعة، فحذفت إحداهما على الخلاف في المحذوفة منهما.
﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ ﴿كم﴾: اسم يفيد التكثير، وهي خبرية: هنا، وكذا في جميع القرآن حيثما وقعت، وكم في كلام العرب قسمان: خبرية: وهي التي بمعنى عدد كثير، واستفهامية: وهي التي تكون بمعنى أي عدد، وهي اسم (١) بسيط لا مركب من كاف التشبيه، وما الاستفهامية حذف ألفها لدخول حرف الجر عليها، وسكنت كما قالوا: لم؛ تركيبا لا ينفك، كما ركبت في كأين مع أي، ولم يأت تمييزها في القرآن إلا مجرورا وأحكامها في نوعيها مذكورة في كتب النحو.
والقرية تطلق على الموضع الذي يجتمع فيه الناس وعلى الناس معا، وتطلق على كل منهما كما جاء في قوله: ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾؛ أي: أهل القرية، والقرية هنا تصلح لأن يراد بها القوم أنفسهم، وأن يراد بها المكان؛ لأنه يهلك كما يهلك أهله. ﴿بَأْسُنا﴾ البأس العذاب.
﴿بَياتًا﴾ والبيات: الإغارة على العدو ليلا، والإيقاع به على غرة، وهو في الأصل مصدر بات يبيت بيتا وبيتة وبياتا وبيتوتة. قال الليث: البيتوتة دخولك في الليل، فقوله: بياتا؛ أي: بائتين.
﴿أَوْ هُمْ قائِلُونَ﴾ والقائلون: هم الذين يستريحون، أو ينامون وسط النهار؛ أي: حين القائلة، وقال الليث: القيلولة نوم نصف النهار؛ وهي القائلة، وقال الأزهري: القيلولة الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن نوم.
وقال الفراء: يقال: قال يقيل قيلا - كباع يبيع بيعا - وقائلة وقيلولة إذا استراح نصف النهار، فألفه منقلبة عن ياء بخلاف قال من القول، فهي منقلبة عن واو.
﴿فَما كانَ دَعْواهُمْ﴾ والدعوى: ما يدعيه الإنسان، وتطلق على القول أيضا.
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: جعلنا لكم (٢) فيها أمكنة تتبوؤنها، وتتمكنون من الإقامة فيها.

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon