بعدها - على وزن كسي. وقرأ مجاهد والحسن: ﴿من سوتهما﴾ - بالإفراد وتسهيل الهمزة بإبدالها واوا وإدغام الواو فيها -. وقرأ الحسن أيضا وأبو جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح: ﴿من سوّاتهما﴾ - بتسهيل الهمزة وتشديد الواو -. وقرىء: ﴿من سواتهما﴾ - بواو واحدة وحذف الهمزة - ووجهه أنه حذفها وألقى حركتها على الواو، فمن قرأ بالجمع؛ فهو من وضع الجمع موضع التثنية كراهة اجتماع مثلين، ومن قرأ بالإفراد؛ فمن وضعه موضع التثنية، ويحتمل أن يكون الجمع على أصل وضعه باعتبار أن كل عورة الدبر والفرج، وذلك أربعة فهي جمع.
وقرأ ابن عباس والحسن بن علي والضحاك ويحيى بن كثير والزهري وابن حكيم عن ابن كثير (١): ﴿ملكين﴾ - بكسر اللام - ويدل لهذه القراءة ما في سورة طه من قوله: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى﴾.
٢١ - ﴿وَقاسَمَهُما﴾؛ أي: أقسم وحلف إبليس لهما، والمفاعلة ليس على بابها بقوله: ﴿والله إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾؛ أي: إني لناصح لكما فيما رغبتكما فيه من الأكل من الشجرة، وأكد ذلك بأشد المؤكدات وأغلظها؛ إذ كان عندهما محل الظنة والتهمة في نصحه؛ لأن الله أخبرهما أنه عدو لهما. وقرىء: ﴿وقاسمهما بالله﴾.
٢٢ - ﴿فَدَلَّاهُما﴾؛ أي: جرأهما إبليس على أكل الشجرة ﴿بِغُرُورٍ﴾؛ أي: بسبب غروره وتزيينه لهما أكل الشجرة بالحلف لهما بالله، أو المعنى: فأسقطهما وحطهما عما كانا عليه من سلامة الفطرة وطاعة المولى بما غرهما به، وزين لهما من أكل الشجرة، وقد اغترا به وانخدعا بقسمه، وصدقا قوله اعتقادا منهما أن أحدا لا يحلف بالله كاذبا. وفي «الشوكاني» التدلية (٢) والإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل، يقال: أدلى دلوه أرسلها، والمعنى: أنه أهبطهما بذلك من الرتبة العلية إلى الأكل من الشجرة، وقيل معناه: أوقعهما في الهلاك، وقيل
(٢) الشوكاني.