معناه: جرأهما على المعصية، فخرجا من الجنة انتهى.
وقيل معناه: فخدعهما (١) بزخرف من القول الباطل حتى أكلا قليلا قصدا إلى معرفة طعم ذلك الثمر؛ لغلبة الشهوة، لا لكونهما صدقا قول إبليس.
ويرى بعض العلماء (٢) أن الغرور كان بتزيين الشهوة، فإن من غرائز البشر وطبائعهم كشف المجهول، والرغبة في الممنوع، فقد نفخ الشيطان في نار هذه الشهوات الغريزية، وأثار النفس إلى مخالفة النهي حتى نسي آدم عهد ربه، ولم يكن له من قوة العزم ما يكفه عن متابعة امرأته، ويعتصم به من تأثير شيطانه كما قال في سورة طه: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)﴾.
وجاء في الصحيح عن أبي هريرة: «ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها»؛ أي: لأنها هي التي زينت له الأكل من الشجرة، وقد فطرت المرأة على تزيين ما تشتهيه للرجل، ولو بالخيانة له.
﴿فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ﴾؛ أي: فلما تناولا من ثمر تلك الشجرة يسيرا لمعرفة طعمه ﴿بَدَتْ لَهُما﴾؛ أي: ظهرت لكل منهما ﴿سَوْآتُهُما﴾؛ أي: سؤته وسؤة صاحبه، وكانت مستورة عنهما؛ أي: ظهر لكل منهما قبل نفسه وقبل صاحبه ودبره، وزال عنهما ثوبهما من حلل الجنة، فدبت فيهما شهوة التناسل بتأثير الأكل من الشجرة، فنبهتهما إلى ما كان خفيا عنهما من أمرها، فخجلا من ظهورها، وشعرا بالحاجة إلى سترها ﴿وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾؛ أي: وشرعا يلزقان ويربطان على أبدانهما من ورق أشجار الجنة العريض ما يسترها.
والخلاصة (٣): أن الشيطان لما وسوس لهما بقوله: ﴿ما نَهاكُما رَبُّكُما...﴾ إلخ، ولم يقبلا منه ما قال.. لجأ إلى اليمين كما دل على ذلك قوله: ﴿وَقاسَمَهُما﴾ فلم يصدقاه أيضا، فعدل بعد ذلك إلى الخداع كما أشار إلى ذلك بقوله: ﴿فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ﴾؛ أي: أنه شغلهما بتحصيل اللذات، فجعلاها نصب أعينهما، ونسيا النهي كما يدل على ذلك قوله: ﴿فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.