قال ابن عباس: الورق الذي خصفا منه ورق الزيتون، وقيل: ورق شجر التين، وقيل ورق الموز، ولم يثبت تعيينها لا في القرآن، ولا في حديث صحيح.
وقد قيل فيهما شعر:

لله درّهم من فتية بكروا مثل الملوك وراحوا كالمساكين
وقرأ أبو السمال (١): ﴿وطفقا﴾ - بفتح الفاء - وقرأ الزهري: ﴿يخصفان﴾ من أخصف، فيحتمل أن يكون أفعل بمعنى فعل، ويحتمل أن تكون الهمزة للتعدية من خصف؛ أي: يخصفان أنفسهما. وقرأ الحسن والأعرج ومجاهد وابن وثاب: ﴿يخصّفان﴾ - بفتح الياء وكسر الخاء والصاد وشدها - وقرأ الحسن فيما روى عنه محبوب كذلك، إلا أنه فتح الخاء. ورويت عن ابن بريدة وعن يعقوب، وقرىء: ﴿يخصّفان﴾ - بتشديد - من خصف على وزن فعل. وقرأ عبد الله بن يزيد: ﴿يخصّفان﴾ - بضم الياء والخاء وتشديد الصاد وكسرها - وتقرير هذه القراءات في علم العربية. وقد عاتبه الله سبحانه وتعالى على تركه التحفظ والحيطة والتدبر في عواقب الأمور فقال: ﴿وَناداهُما رَبُّهُما﴾ معاتبا لهما، وموبخا لهما، وقال: يا آدم ويا حواء ﴿أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ﴾؛ أي: عن أن تقربا هذه الشجرة وعن الأكل من ثمرها ﴿وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾؛ أي: ظاهر العداوة لكما حيث أبى السجود، فإن أطعتماه أخرجكما من الجنة حيث العيش الرغد إلى حيث الشقاء في العيش والتعب، والنصب في الحياة. والاستفهام في قوله: ﴿أَلَمْ أَنْهَكُما﴾ تقريري. قيل: لما كان وقت الهناء.. شرف بالتصريح باسمه في النداء، فقيل: ويا آدم اسكن، وحين كان وقت العتاب أخبر أنه ناداه، ولم يصرح باسمه. والظاهر أنه تعالى كلمهما بلا واسطة. وقال الجمهور: إن النداء كان بواسطة الوحي.
روي (٢): أنه تعالى قال لآدم: ألم يكن فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن ما ظننت أن أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا،
(١) البحر المحيط.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon