قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدّا، فأهبط وعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث، فحرث وسقى وحصد، ودرس وذرى وعجن وخبز.
قال ابن عباس رضي الله عنهما (١): لما أكل آدم من الشجرة.. قيل له: لم أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: حواء أمرتني. قال: فإني أعقبتها أن لا تحمل إلا كرها، ولا تضع إلا كرها قال: فرنت - صاحت - حواء عند ذلك رنة - صيحة - فقيل لها: الرنة عليك وعلى بناتك، وقال محمد بن قيس: ناداه ربه: يا آدم لم أكلت منها وقد نهيتك؟ قال: أطعمتني حواء، فقال: لم أطعمتيه؟ قالت: أمرتني الحية، فقال للحية: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس، قال الله تعالى: أما أنت يا حواء فكما أدميت الشجرة تدمين كل شهر، وأما أنت يا حية فأقطع رجليك، فتمشين على وجهك وسيشدخ رأسك من لقيك، وأما أنت يا إبليس فملعون مطرود مدحور عن الرحمة. وقيل: ناداه ربه يا آدم أما خلقتك بيدي، أما نفخت فيك من روحي، أما أسجدت لك ملائكتي، أما أسكنتك جنتي في جواري.
٢٣ - ﴿قالا﴾؛ أي: قال آدم وحواء ﴿رَبَّنا﴾ ويا مالك أمرنا ﴿ظَلَمْنا أَنْفُسَنا﴾؛ أي: أضررنا أنفسنا بطاعتنا للشيطان ومعصيتنا لأمرك، وقد أنذرتنا ﴿وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا﴾ ما ظلمنا به أنفسنا ﴿وَتَرْحَمْنا﴾ بالرضا عنا، وتوفيقنا إلى الهداية وترك الظلم، وبقبول توبتنا إذا نحن أنبنا إليك، وإعطائنا من فضلك فوق ما نستحق، والله ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ لأنفسنا الهالكين لها بتعريضها للعقوبة.
والخلاصة (٢): أن الظفر بالمقصود والفوز بالسعادة لا ينالهما أحد بمغفرتك ورحمتك إلا من ينيب إليك، ويتبع سبيلك، ولا ينالهما من يصر على ذنبه ويحتج على ربه، كما فعل الذي أبى واستكبر فكان من الخاسرين.
وقال الضحاك في قوله (٣): ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا...﴾ الخ. قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم عليه السلام من ربه عز وجل. قالَ الله سبحانه وتعالى لآدم وحواء وإبليس والحية، كما قاله الطبري.
٢٤ - ﴿اهْبِطُوا﴾؛ أي: انزلوا من السماء
(٢) المراغي.
(٣) الخازن.