عثمان بن عفان، أو خشية الله تعالى كما قاله ابن الزبير، أو الحياء كما قاله معبد والحسن.
﴿ذلِكَ﴾؛ أي: اللباس ﴿خَيْرٌ﴾ لصاحبه من اللباسين الأولين؛ لأنه يستر من فضائح الآخرة، وقرأ باقي السبعة بالرفع كما مر. ﴿ذلِكَ﴾: المنزل من اللباسين ﴿مِنْ آياتِ اللَّهِ﴾؛ أي: من دلائل قدرته؛ أي: ذلك الذي تقدم ذكره من النعم بإنزال الملابس من آيات الله الدالة على قدرته، وعظيم فضله، وعميم رحمته لعباده، وقوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة، والمعنى: يا بني آدم قد أنزلنا عليكم أنواع الملابس؛ لكي تذكرون وتعرفون عظيم النعمة في ذلك اللباس، وتقومون بما يجب عليكم من الشكر والابتعاد من فتنة الشيطان، وإبداء العورات، أو لإسراف في استعمال الزينة.
٢٧ - ولما ذكر سبحانه وتعالى نعمة اللباس.. أراد أن ينبههم على أن الشيطان حسود وعدو لهم كما أنه حسود وعدو لأبيهم، فقال: ﴿يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ﴾؛ أي: لا يخرجنكم الشيطان عن طاعتي بفتنه ووسوته، فتمنعوا من دخول جنتي ﴿كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ﴾ آدم وحواء ﴿مِنَ الْجَنَّةِ﴾؛ أي: إخراجا مثل إخراجه أبويكم من الجنة بفتنته بأمره لهما بمخالفة أمري، فمنعا من سكنى الجنة.
وهذا في الظاهر نهي للشيطان، وفي الحقيقة نهي لبني آدم عن الإصغاء لفتنته ووسوسته واتباعه، فليس المراد النهي عن تسلطه؛ إذ لا قدرة لمخلوق على منع ذلك؛ لأنه قضاء مبرم، بل المراد النهي عن الميل إليه.
والمعنى (١): أي لا تغفلوا يا بني آدم عن أنفسكم، فتمكنوا الشيطان من وسوسته لكم، والتحيل في خداعكم، وإيقاعكم في المعاصي كما وسوس لأبويكم آدم وحواء، فزين لهما معصية ربهما، فأكلا من الشجرة التي نهاهم عنها، وكان ذلك سببا في خروجهما من الجنة التي كانا يتمتعان بنعيمها ودخولهما في طور آخر يكابدان فيه شقاء المعيشة وهمومها.