وإغوائهم، وعدم احتراسهم من الخواطر الرديئة، كاكتساب ضعفاء البنية للأمراض باستعدادهم لها، وعدم احتراسهم من أسبابها، كتناول الأطعمة والأشربة الفاسدة، والوجود في جو مملوء بالجراثيم القاتلة بعدم تعرضه للشمس والنور والهواء المتجدد.
٢٨ - ﴿وَإِذا فَعَلُوا﴾؛ أي: وإذا فعل الذين لا يؤمنون بالله ورسوله ممن جعلوا الشياطين أولياء لأنفسهم فعلة ﴿فاحِشَةً﴾؛ أي: فعلا قبيحا شرعا وعقلا من الأفعال التي تدينوا بها كتعريهم حين الطواف بالبيت، وسجودهم للأصنام، فلامهم لائم على ذلك ونهاهم عنه. قال أكثر المفسرين: المراد بالفاحشة هنا هي طواف المشركين بالبيت عراة. وقيل: هي الشرك، والظاهر أنها تصدق على ما هو أعم من الأمرين جميعا، والفاحشة في أصلها هي الذنوب التي بلغت الغاية في فحشها وقبحها. ﴿قالُوا﴾؛ أي: قال الذين لا يؤمنون بالله في جواب اللائم والناهي محتجين بأمرين، تقليد الآباء والافتراء على الله ﴿وَجَدْنا﴾ ورأينا ﴿عَلَيْها﴾؛ أي: على هذه الفاحشة ﴿آباءَنا﴾ وأجدادنا وأسلافنا؛ أي: قالوا: وجدنا آباءنا يفعلون مثل ما نفعل، فنحن نقتدي بهم ونستن بسنتهم ﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿أَمَرَنا بِها﴾؛ أي: بهذه الفعلة، فنحن نتبع أمره، فإن أجدادنا إنما كانوا يفعلونها بأمر الله تعالى بها، وقد رد تعالى عن الأمر الثاني بأمر رسوله أن يدحضه بقوله: ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد في جوابهم ردا عليهم في المقالة الثانية ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ﴾؛ أي: إن هذا الفعل من الفحشاء، والله سبحانه بكماله منزه عن أن يأمر بالفحشاء، فإن عادته تعالى جارية على الأمر بمحاسن الأعمال، والحث على نفائس الخصال، وإنما يأمر بالفحشاء الشيطان، كما جاء في قوله سبحانه: ﴿الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ﴾.
ثم رد عليهم المقالة الأولى، ووبخهم على تقليد الآباء والأجداد بقوله: ﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ والاستفهام فيه للإنكار والتوبيخ، وهذا من جملة المأمور به في الجواب؛ أي: وقل لهم يا محمد: إنكم باتباعكم للآباء والأجداد في الآراء والشرائع غير المستندة إلى الوحي تقولون على الله ما لا تعلمون أنه