كقوله: ﴿ولا تشتروا بآياتي ثمًنا قيلًا﴾ [المائدة: ٤٤] سمى ما بذلوه من الآيات الهادية شراءً، وما تعوضوه من أعراض الدنيا ثمنًا. قال الهروي: جعل الثمن مشترى كسائر السلع، لأن الثمن والمثمن كلاهما مبيعٌ، ولذلك أجيز شريت بمعنى بعت. واختلفت عادات الناس في الثمن؛ فقيل: هو ما كان قيمة الأشياء، وقيل: ما يأخذه البائع في مقابلة سلعته عينًا أو سلعةً. وقيل: ما كان نقدًا، فهو ثمنٌ ليس إلا، وقيل: ما دخلت عليه الباء. وأثمنت الرجل متاعه، وأثمنت له: أكثرت الثمن.
والثمانية والثمانون عددان معلومان. والثمن جزءٌ من ثمانية أجزاءٍ كالثلث من ثلاثةٍ. والثمين أيضًا من الثمن. قال الشاعر: [من الطويل]
٢٤٨ - فما صار لي في القسم إلا ثمينها
أي ثمنها.

فصل الثاء والنون


ث ن ي:
قوله تعالى: ﴿ثاني اثنين﴾ [التوبة: ٤٠] أي أحد الاثنين، كـ ﴿ثالث ثلاثة﴾ [المائدة: ٧٣] وهما سيدنا محمدٌ رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وصاحبه الصديق، إذ قال عليه الصلاة والسلام له في الغار: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما»، وقال تعالى: «ثاني عطفه» [الحج: ٩] كنايةٌ عن التكبر نحو: صاعر خده، ﴿ونأى بجانبه﴾ [الإسراء: ٨٣]، ولوى جيده وشدقه، كل ذلك كنايةٌ عن التكبر، فثاني اسم فاعلٍ من ثنى يثني كرامٍ.
والثنى: العطف والتكرير، ومنه التثنية الصناعية، لأن فيها تكرير الاسم مرتين. وقوله تعالى: ﴿ألا إنهم يثنون صدورهم﴾ [هود: ٥] أي يطوونها على سرهم، وكنى بذلك عن إعراضهم عن الحق وتكبرهم نحو ﴿ثاني عطفه﴾.


الصفحة التالية
Icon