فضرورةٌ. قوله ﴿أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر: ١١] اختلفوا فيه؛ فقال ابن عباسٍ وغيره: كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم فأحياهم ثم أماتهم الموتة التي في الدنيا، ثم أحياهم للبعث. فهاتان إماتتان وإحياءان، وهذا موافقٌ لقوله تعالى: ﴿كيف تكفرون بالله﴾ [البقرة: ٢٨] الآية. وقال ابن زيد: كانوا في صلب آدم عليه السلام، فاستخرجهم فأحياهم وأخذ عليهم الميثاق ﴿ألست بربكم قالوا بلى﴾ [الأعراف: ١٧٢] ثم أماتهم في الدنيا الموتة التي لابد منها. ثم أحياهم للبعث وهو قريبٌ من الأول. وقيل: أماتهم في الدنيا الموتة المتعارفة، ثم أحياهم في القبور للمسألة، ثم أماتهم فيها ثم أحياهم للحشر. وإليه ذهب السدي، وهو حسنٌ لقربه من الحقيقة لأن الموت مستعقب حياة. قوله: ﴿لا تتخذوا إلهين اثنين﴾ [النحل: ٥١]؛ فاثنين للتأكيد كقوله: ﴿نفخةٌ واحدةٌ﴾ [الحاقة: ١٣]. وقيل: ليس للتأكيد، وتحقيقه في غير هذا الكتاب.
فصل الثاء والواو
ث وب:
الثواب والمثوبة: الجزاء على الفعل من خيرٍ أو شر، وأصله من ثاب يثوب أي يرجع، فالثواب ما يرجع من الجزاء إلى العامل من حسنٍ وشيءٍ ٠ وقيل: أصل الثواب رجوع الشيء إلى حالته الأولى التي كان عليها أو إلى حالة المقدر المقصودة بالفكرة، وهي الحالة المشار إليها بقولهم: آخر الفكرة أول العمل. فمن الأول: ثابت إليه نفسه، وثاب إلى داره. ومن الثاني: الثوب سمي بذلك لأن الغزل رجع إلى الحالة التي قدر لها بالفكرة، والثواب من ذلك.
وإنما سمي الجزاء ثوابًا تصورًا أنه هو هو. ألا ترى كيف جعله نفس الفعل في قوله تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيرًا يره﴾ [الزلزلة: ٧]، ولم يقل: يجزاه. والثواب وإن استعمل في الخير والشر كما تقدم إلا أنه غلب في الخير، وكذلك المثوبة والإثابة، فإن