وقعت المثوبة والإثابة في المكروه نحو: ﴿قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبةً﴾ [المائدة: ٦٠] ﴿فأثابكم غمًا بغم﴾ [آل عمران: ١٥٣]. فمن باب الاستعارة كاستعارة البشارة بالعذاب على التهكم، قيل: ولم يجئ التثويب في القرآن إلا في المكروه نحو: ﴿هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون﴾ [المطففين: ٣٦]، معناه: جوزي، وهو تهكم أيضًا.
وقوله ﴿وثيابك فطهر﴾ [المدثر: ٤] حمل على ظاهره وقيل: أراد النفس كقول الشاعر: [من الطويل]

٢٥٤ - ثياب بني عوفٍ طهارى نقيةٌ وأوجههم عند المشاهد غران
وقيل: كنى بها عن القلب كقول عنترة: [من الكامل]
٢٥٥ - فشككت بالرمح الطويل ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم
وهذا وإن كان أمرًا له عليه الصلاة والسلام في الصورة فهو أمرٌ لنا في الحقيقة، فإن كل ما فسر به الثياب هو طاهرٌ منه عليه الصلاة والسلام. ويرشح كون ذلك كنايةً عن النفس أو القلب، قوله تعالى: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا﴾ [الأحزاب: ٣٣]، فالتطهير هنا من سائر الأدناس التي تتصف بها عندهم. وقيل: تقصيرها لأن تقصيرها يبعدها مما ينجسها. وعن ابن عباس: «لا تلبس ثيابك على فخرٍ وكبر». وأنشد: [من الطويل]


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
٢٥٦ - فإني بحمد الله لا ثوب غادرٍ لبست، ولا من خزية أتقنع