بفائض نعمه. وقيل: لأنه يقهرهم على ما يريده. وقد دققه بعضهم من حيث اللغة وبعضهم من حيث المعنى؛ أما من حيث اللغة فإن فعالًا ينبني من أفعل، فيكون: جبارٌ من أجبر. وأجيب عنه بأن جبارًا من الجبر المروي في الخبر: «لا جبر ولا تفويض» لا من الإجبار. وأما من حيث المعنى فإنه تعالى عن ذلك، وهذا قول المعتزلة. قال الراغب ردًا على المعتزلة: وليس بمنكر؛ فإن الله تعالى قد أجبر الناس على أشياء لا انفكاك لهم منها حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية لا على ما يتوهمه بعض الغواة، وذلك كإكراههم على المرض والموت والتعب، وسخر كلًا منهم لصناعة يتعاطاها، وطريقة من الأعمال والأخلاق يتحراها، وجعله مجبرًا في صورة مخير؛ فإما راضٍ بصنعته لا يريد عنها حولًا، وإما كارهٌ لها يكابدها مع كراهيته لها، كأنه لا يجد عنها بدلًا، كقوله: ﴿فتقطعوا أمرهم بينهم زبرًا كل حزبٍ بما لديهم فرحون﴾ [المؤمنون: ٥٣]. وقال تعالى: ﴿نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا﴾ [الزخرف: ٣٢].
وعلى هذا الحد وصف بالقاهر، وهو لا يقهر إلا على ما تقتضي الحكمة أن يقهر عليه. وقد روي عن أمير المؤمنين رضي الله عنه: «يا بارئ المسموكات، وجبار القلوب على فطرتها» شقيها وسعيدها. وفسره ابن قتيبة: هو من: جبرت العظم، فإنه جبر القلوب على فطرتها من المعرفة وهذا تفسيرٌ ببعض ما يتأوله اللفظ.
وجبروتٌ: فعلوتٌ، من الجبر زيد فيه للمبالغة كملكوت ورهبوت. وقولهم: استجبرت حاله: تعاهدت أن أجبرها.
واشتق من الجبر الجبيرة وهي اللصوق من الخرق التي تشد على العظم.