وقوله: ﴿واضمم يدك إلى جناحك﴾ [طه: ٢٢] أي ما بين إبطك وعضدك. وقوله: ﴿واخفض لهم جناح الذل﴾ [الإسراء: ٢٤]، استعارة بديعة، وذلك أنه لما كان الذل ضربين؛ ضرب يرفع الإنسان وضرب يضعه، وكان المقصود في هذا المكان جهة الرفع قيل جناح الذل، كأنه قيل: استعمل الذل الذي يرفعك عند الله من أجل الرحمة أو من أجل رحمتك لهما. وجنح البعير في سيره: أسرع، كأنهم تصوروا له جناحين.
وجنح الليل: أقبل بظلامه، والجنح قطعة من الليل مظلمة. والجناح: الإثم، وأصله ما يميل بك عن الحق. ومنه الجوانح: وهي عظام الصدر المتصلة رؤوسها في وسط الزور، والواحدة جانحة سميت بذلك لميلانها. وعصا الرجل تسمى بالجناح لاستعانته بها؛ وبها فسر الفراء ﴿واضمم إليك جناحك﴾ [القصص: ٣٢]، قال: عصاك؛ ولذلك كنت العرب عن القوة والثروة بالجناح؛ قالوا: طال جناح فلانٍ، لمن أثرى. وقص جناحه لمن افتقر؛ استعارة من الطائر المقصوص.
ج ن د:
الجند: العسكر المعد للتقال اعتبارًا بالجند؛ وهي الأرض الغليظة الكثيرة الأحجار. ثم قيل لكل مجتمعٍ: جند. ويجمع على أجنادٍ وجنودٍ. قال: ﴿ما يعلم جنود ربك إلا هو﴾ [المدثر: ٣١] أي خلائقه التي إن أراد أن يهلك بها من شاء أهلكته.
وقوله: ﴿وما أنزلنا على قومه من بعده من جند﴾ [يس: ٢٨] أي أن صيحة الملك قد أهلكتهم، فلم يحتج معها إلى إنزال جند.
وقوله: ﴿إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها﴾ [الأحزاب: ٩]؛ الجنود الأولى هم الكفار، والثانية الملائكة. وهذا يدل على عظيم قدر نبينا ﷺ إذ كان ربنا يهلك أهل القرى بصيحة ملكٍ واحدٍ، وينصر رسوله بآلافٍ من الملائكة، فيهم ذلك الملك الذي كان يهلك بصيحته القرى، وهو جبريل، اعتناءً بشأنه صلى الله عليه وسلم.