معنى الإيثار، ولذلك عدي بعلى؛ قال تعالى: ﴿فاستحبوا العمى على الهدى﴾ [فصلت: ١٧] أي آثروه عليه. وقوله ﴿استحبوا الكفر على الإيمان﴾ [التوبة: ٢٣]. وقال بعضهم: الاستحباب: تحري الإنسان في الشيء وأن يحبه. وحقيقة المحبة في الأناسي: إصابة حبة القلب. يقال: حببت زيدًا أي أصبت حبة قلبه، نحو: كبدته ورأسته. وأحببته: جعلت قلبي مغرمًا بأن يحبه. واستعمل أيضًا حببت في موضع أحببت، إلا أالأكثر الاستغناء باسم مفعول الثلاثي عن اسم مفعول الرباعي، نحو: أحببته فهو محبوب، والقياس محب وقد جاء. قال عنترة: [من الكامل]

٣١٧ - ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
وقوله تعالى: ﴿إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي﴾ [ص: ٣٢] الأصل أحببت الخيل حبي للخير، قاله الراغب، وقال غيره: المعنى: آثرت حب الخير على ذكر ربي؛ فعن بمعنى على، وهذا لا أحبه. وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضوع.
والحب والحبة: الحنطة والشعير والذرة، ومما جرى مجراها. وعليه قوله: ﴿جنات وحب الحصيد﴾ [ق: ٩] أي المعد للحصد من الحنطة وشبهها. وكقوله: ﴿كثل حبة أنبتت سبع سنابل﴾ الآية [البقرة: ٢١٦] قيل المراد به الدخن وفيه نظره لأن السنبل غلب واختص بالحنطة والشعير.
وأما الحبة بكسر الحاء من قوله عليه الصلاة والسلام: "ينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل" فقال أبو عمرو: هي نبت ينبت في الحشيش صغار. وقال الفراء: هي بذور البقول. وقال الكسائي: هي حب الرياحين، الواحدة حبة. وقال ابن شميل: الحبة بضم الحاء وتخفيف الباء: القضيب من الكرم يغرس فيصير حبة. والحبة بالكسر


الصفحة التالية
Icon