قوله:} خذ من أموالهم صدقًة تطهرهم وتزكيهم بها ﴿[التوبة: ١٠٣] أي تجعلهم أزكياء. قوله:﴾ فلا تزكوا أنفسكم ﴿[النجم: ٣٢] أي لا تنسبوها إلى التطهير المقتضى لأن تكونوا عدولاً أتقياء، ولذلك قال:﴾ بل الله يزكي من يشاء ﴿[النساء: ٤٩] أي ينسب من يشاء من عباده إلى ذلك. ومن هذا قال تعالى:﴾ وكذلك جعلناكم أمًة وسطًا ﴿[البقرة: ١٤٣]،﴾ كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس ﴿[آل عمران: ١١٠]، فهذه، والله، التزكية.
وقوله:﴾ وحنانًا من لدنا وزكاًة ﴿[مريم: ١٣]، أي بركًة تطهيرًا. وقوله:﴾ غلامًا زكيًا ﴿[مريم: ١٩] أي مباركًا مطهرًا منسوبًا من لدن الله تعالى إلى ذلك. وأصل الزكي: زكيو، فأعل بقلب الواو ياًء، وقيل: معناه زكي بالخلقة، وذلك عن طريق الاصطفاء بأن يجعل بعض عباده عالمًا طاهر الخلق لا يتعلم من غيره، وهذا دأب الأنبياء، وبه استدل بعض المتصوفة على أن القفير المجذوب أفضل من المربى، وقيل: معناه سؤول إلى التزكية، وفيه بشارة.
قوله:﴾ والذين هم للزكاة فاعلون ﴿[المؤمنون: ٤] يجوز أن يريد شقيقة الصلاة، أثنى عليهم بإخراجها كما أثنى عليهم بإقامة شقيقتها. ويجوز أن يريد الفاعلين ما يزكون به أنفسهم. قال الراغب: وليس قوله للزكاة مفعولاً لقوله فاعلون، بل اللام فيه للقصد وللعلة. وتزكية الإنسان لنفسه ضربان: أحدهما بالقصد، وذلك محمود، وإليه نحا بقوله:﴾ قد أفلح من زكاها ﴿[الشمس: ٩] والثاني بالقول كتزكية العدل غيره؛ وقد تقدم أنه مذموم، وهو تأديب لأن مدح الإنسان نفسه قبيح شرعًا وعقلاً حتى قال الشاعر: [من الطويل]
وقيل لحكيم: ما الذي لا يحسن وإنه كان حقًا؟ فقال: مدح الإنسان نفسه. وقوله:﴾ نفسًا زكية {[الكهف: ٧٤] وزاكية: أي طاهرة بريئة مما لا يوجب قتلها.
٦٦٣ - وما حسن أن يمدح المرء نفسه ولكن أخلاقًا تذم وتمدح