-وقبلنا سبح الجودي والجمد
وذلك لأنه يكره. فهو كقولك: رب عثمان العثمانين جاءني. وله أحكامٌ، ومعناه التنزيه فمعنى سبحان الله: تنزيهه عما لا يليق به، ويستعمل في التعجب، ومنه الحديث: «سبحان الله إن المؤمن لا ينجس». وأصل المادة للدلالة على البعد، ومنه السبح في الماء، وكذلك تسبيح الله لأن فيه إبعادًا له عما لا يليق به، مما كانت الكفرة الذين لا يقدرونه حق قدره ينسبونه إليه من الشرك والولد وغير ذلك.
والسبح: المر السريع في الماء أو الهواء، ويستعار ذلك للنجوم، قال تعالى: ﴿كل في فلك يسبحون﴾ [الأنبياء: ٣٣]، وفي دؤوب العمل أيضًا قال تعالى: ﴿إن لك في النهار سبحًا طويلًا﴾ [المزمل: ٧] والتسبيح عامٌ في العبادة؛ قولية كانت أو فعلية أو منوية. وقيل في قوله تعالى: ﴿فلولا أنه كان من المسبحين﴾ [الصافات: ١٤٣] أي القائلين: سبحانك، ويؤيده قوله: ﴿فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ [الأنبياء: ٨٧]، وقيل: من المصلين. وقيل: من الناوين؛ إنه إذا تمكن من العبادة حين يخرج من بطن الحوت أن يسبح الله بقلبه ولسانه، ويذيب جوارحه في طاعته، والأولى أن يحمل على جميع ذلك، لأنه اللائق بحال ذي النون عليه السلام.
وقوله: ﴿ألم أقل لكم لولا تسبحون﴾ [القلم: ٢٨] أي تعبدونه وتشكرونه. وقيل: تقولون: إن شاء الله، يدل عليه قوله: ﴿ولا يستثنون﴾ [القلم: ١٨].
وقوله: ﴿فسبح بحمد ربك﴾ [الحجر: ٩٨] أي صل. وسميت الصلاة تسبيحًا لاشتمالها عليه. ومنه: «كان يسبح على راحلته». وقوله: ﴿فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون﴾ [الروم: ١٧] الآية. قيل: معناه تصلون في هذه الأوقات. وقد استدل به على ذكر الصلوات الخمس. والسبوح والقدوس فعولٌ؛ من التسبيح ومن القدس