وقوله: ﴿ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا﴾ [الأنفال: ٢٣] أي لأفهمهم. وجعل لهم قوةً يفهمون بها. وقيل: معناه يوفقهم توفيق من ينتفع بسمعه. وقولهم: أسمع الله فلانًا، يحتمل الدعاء للإنسان والدعاء عليه. فمن الأول: أسمعه أي لا أزال سمعه. ومن الثاني أسمعه أي أزال سمعه. فالهمزة للسلب. ويقال: أسمعت فلانًا أي سببته. فالإسماع متعارفٌ في السب. وإذا وصف تعالى نفسه بالسمع فالمراد علمه بالمسموعات، وإحاطته بها، وتحريه للمجازاة بها.
قوله: ﴿إنك لا تسمع الموتى﴾ [النمل: ٨٠] أي لا تفهم هؤلاء الجهلة لأنهم كالموتى في عدم الانتفاع بأسماعهم. وقوله: ﴿أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي﴾ [الكهف: ٢٦] معناه أن من وقف على عجائب حكمته وبدائع صنعته يتعجب من ذلك. والله تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع. وقوله: ﴿أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا﴾ [مريم: ٣٨] معناه أنهم يسمعون ذلك اليوم ما كانوا عنه صمًا وعميًا. كقوله: ﴿فبصرك اليوم حديد﴾ [ق: ٢٢]. قوله: ﴿وسماعون للكذب﴾ [المائدة: ٤١] أي يسمعون منك لأجل أن يكذبوا ﴿سماعون لقومٍ آخرين﴾ [المائدة: ٤١]. أي يسمعون لمكانهم. قوله: ﴿أمن يملك السمع والأبصار﴾ [يونس: ٣١] أي من الموجد لأسماعهم وأبصارهم والمتولي لحفظها.
قوله: ﴿إنما يستجيب الذين يسمعون﴾ [الأنعام: ٣٦] أي الذين يصغون إليك إصغاء الطاعة والقبول. قوله: ﴿ما كانوا يستطيعون السمع﴾ [هود: ٢٠] أي كانوا يعرضون عما يسمعون ولا يلقون له بالًا. قوله: ﴿وكانوا لا يستطيعون سمعًا﴾ [الكهف: ١٠] أي لا يقدرون أين يسمعوا ما يتلى عليهم لشدة بغضهم في التالي -صلى الله عليه وسلم -. قوله: ﴿وفيكم سماعون لهم﴾ [التوبة: ٤٧] أي مطيعون. وقيل: متجسسون للأخبار. وفي الحديث: «من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه». قال أبو عبيدة: يقال: سمعت بالرجل: إذا ندرت به وشهرته. ويروى: «سامع خلقه» و «أسامع» مصدر.


الصفحة التالية
Icon