قلوبهم} [يونس: ٨٨] أي امنعها من الصرف والفهم عقوبةً لهم حيث تعاموا بعدما أبصروا، وضلوا بعدما تبين لهم طريق الهدى قوله: ﴿وإنه لحب الخير لشديد﴾ [العاديات: ٨] أي لبخيل؛ والخير: المال ومنه: ﴿إن ترك خيرًا﴾ [البقرة: ١٨٠] فسر بالمال، وقد تقدم. والمتشدد أيضًا: البخيل، ومنه قول طرفه: [من الطويل]
٧٨٦ - أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي | عقيلة مال الفاحش المتشدد |
وقيل: المعنى: وإنه لشديد حب الخير، أي حبه شديد وهو تفسير معنى قوله:
﴿وشددنا ملكه﴾ أي قويناه. قيل: إنه تداعى إليه رجلان فأوحي إليه بقتل أحدهما فقال الرجل: لم أجن جنايةً تقتضي قتلي! فقال بذلك أمرت. فقال الرجل: أما إني لم أقتل بهذه، بل لأني قتلت أباه غيلةً، فهيب من حينئذٍ وقيل: كان يحرس محرابه ثلاثون ألف مسلح، وكل ذلك بتقوية الله تعالى وقال الراغب: في قوله تعالى:
﴿لحب الخير لشديد﴾ إن شديدًا يجوز فيه أن يكون بمعنى مفعولٍ، كأنه شد كما يقال: غل عن الانفصال. وعلى هذا قالت اليهود:
﴿يد الله مغلولة غلت أيديهم﴾ [المائدة: ٦٤] ويجوز أن يكون بمعنى فاعلٍ كالمتشدد كأنه شد صرته وقال في قوله:
﴿حتى إذا بلغ أشده﴾ وفيه تنبيه أن الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذي هو عليه فلا يكاد يزايله بعد ذلك وإليك نحا الشاعر، قال: [من الطويل]
٧٨٧ - إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن | له دون ما يهوى حياء ولا ستر |
فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى | وإن جر أسباب الحياة له العمر |
وشد فلا واشتد أسرع، كأنه مأخوذ من قولهم: اشتدت به الريح.