طلب معاشها.
قوله تعالى: ﴿ولم أكن بدعائك رب شقيًّا﴾ [مريم: ٤] أي لم تشقني بالرد من غير إجابةٍ. ويقال لكل من أدرك أمرًا سعى فيه: قد سعد به. ولكل من فاته: قد شقي به. فعلى ذلك جاءت الآية.

فصل الشين والكاف


ش ك ر:
قوله تعالى: ﴿واشكروا لي﴾ [البقرة: ١٥٢] قد تقدم في باب الحاء الكلام على نوعٍ من الشكر، والفرق بينه وبين الحمد عند الجمهور. وقال بعضهم: الشكر: تصور النعمة وإظهارها. ويضاده الكفر، وهو نسيان النعمة وسترها. ومن الأول قالوا: دابة شكور: مظهر بسمنه إسداء صاحبه إليه. وقيل: الشكر مقلوب من الكشر: وهو الكشف. ومنه: كشر عن أنيابة. وكاشره بالعداوة. وقيل: أصله: عين شكرى، أي ممتلئة. فالكشر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه.
ثم الشكر على ثلاثة أضربٍ: شكر بالقلب؛ وهو تصور النعمة من مسديها والاعتراف بها. وشكر باللسان؛ وهو الثناء على المنعم والبداءة عليه. وشكر بالجوارح؛ وهو مكافأة المنعم بقدر استحقاقه. وهذا النوع يستحيل من قيام العباد لله، ومنه الصلاة شكر لله. قال تعالى: ﴿اعملوا آل داود شكرًا﴾ [سبأ: ١٣] فشكرًا على هذا تمييز والتقدير على هذا: اعملوا ما تعملونه شكرًا لله تعالى: وقيل: شكرًا: مفعول لقوله: ﴿اعملوا﴾. وقيل: مفعول له، وإنما قال: اعملوا، ولم يقل: اشكروا، تنبيهًا على التزام الأنواع الثلاثة من الشكر بالقلب، واللسان، والجوارح، ومن ثم قال بعضهم: الشكر تصور النعمة بالجنان، وذكرها باللسان، والعمل لها بالأركان. وإلى الأنواع الثلاثة أشار الشاعر بقوله: [من الطويل]
٨١٤ - أفادتكم النعماء مني ثلاثةً:... يدي ولساني والضمير المحجبا


الصفحة التالية
Icon