ونحوه. وقيل: بل هو الكلام في العلم كقولك: هذا حلال وهذا حرام. وقيل: معناه ولذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه. قوله تعالى:} وإنه لذكر لك ولقومك ﴿[الزخرف: ٤٤] أي شرفك وشرفهم، وذلك أنه نزل بلغتهم، وتشريفه لك أكبر من حيث نزل عليك خصوصًا، ولذلك أفرده عنهم. وقوله:﴾ كتابًا فيه ذكركم ﴿[الأنبياء: ١٠] يجوز أن يكون من هذا أي فيه شرفكم على غيركم، ويجوز أن يراد بذكركم ما تذكرون به. والذكر تارًة يقال باعتبار هيئة للنفس بها يتمكن الإنسان من حفظ ما يقتنيه من المعارف؛ فهو كالحفظ؛ إلا أن الفرق بينهما أنه يقال باعتبار حضوره بالقلب وباللسان. ومنه قيل: الذكر ذاكران: ذكر بالقلب وذكر باللسان. وكل منهما على نوعين: ذكرٍ عن نسيان وذكرٍ لا عن نسيان بل يقال باعتبار إدامة الحفظ. وعلى هذه الأنواع مدار جميع الآيات، كما ستمر بك مفصلًة.
قوله:﴾
فاسألوا أهل الذكر ﴿[الأنبياء: ٧] أي أهل العلم من كل أمةٍ. وقيل: أهل القرآن. وقيل: أهل الكتب القديمة، يعني ممن آمن. قوله:﴾ قد أنزل الله إليكم ذكرًا رسولاً ﴿[الطلاق: ١٠ و ١١]. فالذكر هنا محمد صلى الله عليه وسلم، جعله نفس الذكر مبالغًة أو على حذف مضاف، وعبر عن البعث بالإنزال تشريفًا له فيكون رسولاً بدلاً من ذكر، أو قيل: الذكر هو وصفه عليه الصلاة والسلام من حيث إنه مبشر به ومذكور في الكتب القديمة. وهذا كما جعلت الكلمة وصف عيسى من حيث إنه وجد بها من غير واسطة أبٍ كما هو المتعارف. وعلى هذا فـ"رسولاً" بدل أيضًا. وقيل: بل "رسولاً" نصب بنفس "ذكرًا" أي أنه ذكر "رسولاً" والمراد بشارة الكتب به. قوله:﴾ واذكروا الله في أيام معدوداتٍ ﴿[البقرة: ٢٠٣] هذا من الذكر اللساني، والمراد به التكبير في أيام التشريق والتهليل فيها وغير ذلك. قوله:﴾ فاذكروني ﴿[البقرة: ١٥٢] يحتمل ذلك، ويحتمل امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويؤيده:﴾ أذكركم ﴿أي برحمتي فهو من المقابلة كقوله:﴾ ومكروا ومكر الله ﴿[آل عمران: ٥٤] فاتفق اللفظ واختلف المعنى. قوله:﴾ والقرآن ذي الذكر {[ص: ١] يجوز أن يراد التذكير فحذف زوائد المصدر، وأن يراد الشرف. قوله:


الصفحة التالية
Icon