النابعة: [من البسيط]
٩٧٨ - إلا الأواري لأيًا ما أبينها | والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد |
والتراب الخارج منها ظليمً. وقيل: الظلم: التصرف في ملك الغير من غير إذنه. وقد ظلمني، أي تصرف في ملكي بغير إذني، ومن ثم انتفى الظلم عن الباري تعالى من كل وجهةٍ وعلى كل وجهٍ. فله أن ينعم العاصي ويعذب الطائع. وليس ذلك ظلمًا إذ الأشياء كلها ملك له تعالى. وقيل: الظلم مجاوزة الحد الذي يجري مجرى نقطة الدائرة. ويقال فيما يقل ويكثر من التجاوز. ولهذا يقال في الذنب الصغير والذنب الكبير: ظلم. قال الراغب: ولذلك قيل لآدم عليه الصلاة والسلام في تعديه: ظالم، ولإبليس: ظالم، وإن كان بين الظلمين بون بعيد. قلت: أما التباين بين ما ذكره فمسلم، ولكن وصفه آدم بذلك جراءة لا تجوز، فنبهت عليها لذلك. وقال بعض الحكماء: الظلم أنواع: الأول: بين العبد وربه وأعظمه الشرك والكفر والنفاق. ومن ثم قال الله تعالى:} إن الشرك لظلم عظيم
﴿[لقمان: ١٣]، وإياه قصد بقوله:﴾ ألا لعنة الله على الظالمين
﴿[هود: ١٨]. والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله تعالى:﴾ إنما السبيل على الذين يظلمون الناس
﴿[الشورى: ٤٢]. والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله تعالى:﴾ فمنهم ظالم لنفسه
﴿[فاطر: ٣٢]. وقوله:﴾ ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين
﴿[البقرة: ٣٥] أي لأنفسهم. قال: وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس فإن الإنسان أول ما يهم بالظلم قد ظلم نفسه، فإذًا الظالم أبدًا يبتدئ بنفسه في الظلم، ولهذا قال في غير موضعٍ:﴾ وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون
﴿[آل عمران: ١١٧] قلت: وفي قوله:﴾ فتكونا من الظالمين
﴿فائدة حسنة وهو أنه تعالى علم أنهما يصيبان ما يصيبان فلقنهما الاعتذار. فمن ثم قالا:﴾ ربنا ظلمنا أنفسنا
﴿[الأعراف: ٢٣] فتأيد أن الظلم في قوله:﴾ من الظالمين {أي لأنفسكما. ثم إن الظلم المتوسط - وهو ظلم