تعالى: ﴿وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون {[البقرة: ٥٧] أي ما نقصوا ملكنا شيئًا، وإنما نقصوا أنفسهم حظها. ويرد بمعنى المنع؛ حكى أبو بكرٍ: ما ظلمك أن تفعل كذا؟ أي ما منعك. وفي حديث أم سلمة "أن أبا بكرٍ وعمر [ثلما] هذا الأمر فلم يظلماه" أي لم يضعاه في غير، موضعه. وقيل: لم يعدلا به عن الحق. وقيل: لم ينقصاه. وقيل: لم يمنعاه، وكله مراد. والحق أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وما ذكر فلوازم.
والظليم: ذكر النعام، والجمع ظلمان. وقيل: سمي بذلك لاعتقاد العرب أنه مظلوم بصلم أذنيه، وإياه قصد الشاعر بقوله: [من السريع]٩٧٩ - [فصرت] كالهيق غدا يبتغي | قرنًا فلم يرجع بأذنين |
الهيق هو الظليم. يعني أنه ذهب يطلب له قرنًا كبقر الوحش فذهبت أذناه. وهو في هذا المعنى كقولهم: من طلب الزيادة وقع في النقص. وقد تقدم أن الظليم نوع من اللبن، ونوع من التراب. والظلم: ماء الأسنان. وقيل: بريقها؛ قال كعب رضي الله تعالى عنه: [من البسيط]٩٨٠ - تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت | كأنه منهل بالراح معلول |
وفي الحديث: "إذا أتيتم على مظلومٍ فأغذوا السير" قيل أراد به البلد الذي لا رعي فيه ولا أصابه غيث. قوله تعالى:﴾ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴿[البقرة: ٢٥٧] عنى بالظلمات هنا الكفر، وبالنور الإيمان. وهو من أحسن الاستعارات لهذين الضدين. وأصل الظلمة عدم النور، وهما متقابلان؛ قال الله تعالى:﴾ وجعل الظلمات والنور {[الأنعام: ١] ثم يعبر بالظلمة عن الشرك والجهل والفسق، كما عبر عن أضدادها بالنور.