على البدل. وله موضع قد أوضحناه فيه. والمفرد غربيب. يقال: أسود غربيب (وحالك حالك نحو: أحر قانٍ، واشتقاقه من الغراب لشدة سواده. يقال: هو أسود) من حلك الغراب. والغراب مأخوذ من الغربة. وأصل الغربة البعد. ومنه الغريب لبعده عن وطنه. وهي صعبة شاقة، ولذلك عاقب بها الشارع في الزني؛ غرب الحر عامًا والعبد نصفه. وما أحسن قوله: [من البسيط]

١١٣٣ - إن الغريب الطويل الذيل ممتهن فكيف حال غريب ماله قوت؟
فقيل: له: غراب لإبعاده في المذهب. ومنه قيل لكل متباعد غريب، ولكل قليل النظير في جنسه غريب. ومن ثم قيل للعلماء غرباء بالنسبة إلى قلة نظرائهم. وقيل للدلو غربًا لتصورٍ بعدها وذهابها في قعر البئر، وهي أخص من الدلو كالذنوب كما تقدم. وفي الحديث: "فاستحالت غربًا" أي دلوا عظيمًا، وهو مثل لكثرة ما فتح على يد عمر رضي الله عنه. "وأصابه سهم غربٍ" لا يدري من أين جاء؟ والمشهور سكون عينه. ونقل الهروي في الفتح (وقال: إن سماعه من الأزهري بالفتح) لا غير. ونقل عن أبي زيد أن قولهم: سهم غرب بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري. وسهم غرب بالفتح إذا رماه فأصاب غيره. وذكر الحسن عن ابن عباسٍ رضي الله عنهم فقال: "كان مثجأ يسيل غربًا" أي لا ينقطع عمله، وأصله من سيلان الدلو كما قدمته. قال الشاعر: [من الرجز]
١١٣٤ - ما لك لا تذكر أم عمرو إلا لعينك غروب تجري؟
الغروب هنا الدموع.
قوله: ﴿ولله المشرق والمغرب﴾ [البقرة: ١١٥] هما مكانا شروقها وغروبها؛ يقال: غربت الشمس تغرب غربًا وغروبًا ومغربًا. وكان القياس فتح الغين لضمها في


الصفحة التالية
Icon