كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ﴿[الحجرات: ١٢]. أمروا باجتناب الكثير منه حتى لا يصادفوا ذلك البعض منه الذي عسى أن يقع فيه إثم. وأفهم أن بعضه ليس بإثم وهو ما أذن بالعمل به. قال بعضهم: إنما جاز استعمال كل من الظن والعلم في موضع الآخر لعلاقة أن كلا منهما فيه رجحان أحد الطرفين إما جزمًا - وهو العلم - وأما ترددًا - وهو الظن. فمن استعمال العلم بمعنى الظن قوله تعالى:﴾ فإن علمتوهن مؤمنات ﴿[الممتحنة: ١٠] إذ ليس الوقوف على الاعتقادات يقينًا. ومن استعمال العكس قوله تعالى:﴾ الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ﴿وقد تقدم. وأنشدوا قول الشاعر، هو "دريد": [من الطويل]
٩٨٣ - فقلت لهم: ظنوا بألفي مدججٍ... سراتهم في الفارسي المسرد
أي أيقنوا بهم، لأن المقام يقتضي ذلك.
فصل الظاء والهاء
ظ هـ ر:
قوله تعالى:﴾ وإن تظاهرا عليه ﴿[التحريم: ٤] أي تعاونا. يقال: ظاهرته أي عاونته. قال تعالى:﴾ وأنزل الذين ظاهروهم ﴿[الأحزاب: ٢٦] أي عاونوهم. وأصل ذلك من الظهر الذي هو الجارحة، لأن المعاون يساعد صاحبه بجوارحه وأقواها ظهره. ثم جعل عبارة عن كل معاونةٍ وإن كانت بغير الظهر حتى باللسان. قوله:﴾ وكان الكافر على ربه ظهيرًا ﴿[الفرقان: ٥٥] أي معينًا، يعني أنه بمنزلة المعين للشيطان على الرحمن من حيث طاعته له وعصيانه لربه. وقيل: إن معناه هين أي وكان هينًا عليه. قال أبو عبيدة: الظهر: المظهور به، أي هينًا على ربه كالشيء الذي خلفته من قولك: ظهرت بكذا أي خلفته.
قوله:﴾ واتخذتموه وراءكم ظهريًا {[صور: ٩٢] أي غير معتد به ولا ملتفتٍ إليه، وهو ما تجعله بظهرك فتنساه، وأصله من قولهم: بعير ظهري، أي معد للركوب.