فصل الفاء والألف
ف أد:
قوله تعالى: ﴿وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة﴾ [النحل: ٧٨] هي جمع فؤاد، قيل: هو القلب الذي يراد به العقل لا العضو المعروف، وقال بعضهم الفؤاد كالقلب، لكن يُقال له فؤاد إذا اعتبر فيه معنى التفاؤد أي التوقد، يُقال: فأدت اللحم: إذا شويته، ولحم فئيد بمعنى مفؤود. وقوله تعالى: ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ [النجم: ١١] أي واطأ قلبه بصره، والمعنى: الذي رآه حق اليقين لا تخيل. يُقال: كذبني قلبي وظني وصدقني.
قوله: ﴿التي تطلع على الأفئدة﴾ [الهمزة: ٧] إنما خصها لأنها أرق شيء في البدن وأخفاه. فإذا وصل إليها الشيء فقد تناهى إفراطه وتأثيره، أعاذنا الله بكرمه من لفحاتها بمحمدٍ وآله.
قوله تعالى: ﴿قد كان لكم آية في فئتين التقتا﴾ [آل عمران: ١٣] أي طائفتين وجماعتين. والفئة: الجماعة من الناس، وقيدها بعضهم بالمتظاهرة، وبعضهم بالمتعاضدة وهما متقاربتان، وجعلها بعضهم من فاء يفيء أي رجع، قال الراغب: والفئة الجماعة المتظاهرة التي يرجع بعضها إلى بعض في التعاضد. وهذا لا يصح أنه "فئة" عينها همزة ولامها ياء حذفت، فهي كمئة، والأصل: فئية بدليل قولهم: أمأت الدراهم: أي صيرتها مئة، فإن ادعوا فيها قلبًا أو حذف عينٍ فلا يُسمع لمخالفته الأصول. ونقل الهروي وغيره في لامها وجهين: أحدهما أنها ياء، والثاني أنها واو، وقال: هو من قولهم: فأيت رأسه وفأوته: إذا شققته فانفأى. قلت: وبهذا الاشتقاق يُعلم فساد قول من جعلها من فاء يفيء