وأصل الفضل الزيادة على الاقتصاد، وذلك ضربان: محمود كفضل العلم والحلم، ومذموم كفضل الغضب على ما يجب أن يكون. والفضل في المحمود أكثر استعمالًا، والفضول في المذموم. والفضل إذا استعمل لزيادة حسنة أحد الشيئين على الآخر على ثلاثة أضرب: فضلٍ من حيث الجنس كفضل جنس الحيوان على جنس النبات، وفضل من حيث النوع كفضل الإنسان على غيره من الحيوان، وفضلٍ من حيث الذات كفضل رجلٍ على آخر؛ فالأولان جوهريان لا سبيل للناقص فيهما أن يزيل نقصه وأن يستفيد الفضل، كالفرس والحمار لا يمكنهما أن يكتسبا الفضيلة التي خص بها الإنسان. والفضل الثالث قد يكون عرضيًا فيوجد السبيل إلى اكتسابه. ومن هذا النحو التفضيل المذكور في قوله تعالى: ﴿والله فضل بعضكم على بعض في الرزق﴾ [النحل: ٧١].
قوله تعالى: ﴿لتبتغوا فضلًا من ربكم﴾ [الإسراء: ١٢] أي ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلًا من ربكم، كل ذلك يريد به المال وما يكتسب. وقال أبو منصور: المعنى في قوله: ﴿والله فضل بعضكم على بعضٍ في الرزق﴾ أن الله فضل الملاك على مماليكهم فجعل المملوك لا يقدر على ملك مع مالكه. واعلم أن المالك لا يرد عن مملوكه من فضل ما في يده شيئًا حتى لا يستوي حالهما في الملك، فأنتم لا تسوون بينكم وبين مماليككم وكلكم بشر، فكيف تجعلون بعض الذي رزقكم الله لله وبعضه لأصنامكم، فتشركون بين الله وبين الأصنام، وأنتم لا ترضون لأنفسكم فمن هو مثلكم بالشركة؟.
وقوله تعالى: ﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضٍ﴾ [النساء: ٣٤] يعني ما خص به الرجل من الفضيلة الذاتية والفضل الذي أعطاه من الممكنة والمال والجاه والقوة. وكل عطية لا تلزم من تعطي له يقال لها فضل نحو قوله تعالى: ﴿وأن الفضل بيد الله﴾ [الحديد: ٢٩] يصلح أن يتناول أنواع الفضل الثلاثة التي قدمنا ذكرها.. ومن فسرها بالإسلام فقصر اللفظ على بعض محامله،


الصفحة التالية
Icon