وقوله تعالى: ﴿تظن أن يفعل بها فاقرة﴾ [القيامة: ٢٥] أي داهية عظيمة تكسر منها الفقار. وفي حديث عثمان رضي الله عنه: استحلوا منه الفقر الثلاث" أي الأمور العظام: حرمة الشهر الحرام، والبلد الحرام، وحرمة الخلافة. وقالت عائشة رضي الله عنها في حقه: "المركوب فيه الأربع"، ضربت ذلك مثلًا لما ارتكب منه، لأن الظهر محل الركوب والفقر فيه، وأرادت أنه ارتكب منه أربع حرمٍ فانتهكها وهي: حرمة صحبته وصهره، وحرمة البلد، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وقال الأزهري: هي الفقر/ بضم الفاء.
وقيل: اشتقاق الفقير من قولهم: فقرت البعير، وذلك أن يجز أنف البعير إلى أن يصل الحز إلى العظم ثم يلوي عليه جرير، أي حبل ونحوه ليذل بعد صعوبته، فكذلك الفقير يحصل له من الغل ما يجعله بمنزله البعير المذلل المقيد. وقيل: اشتقاقه من الفقرة أي الحفرة، ومنه قيل لكل حقيرة يجتمع فيها الماء: فقير.
وفقرت للغسيل: حفرت له حفرة غرسته فيه، قال الشاعر: [من الرجز]
١٢١٦ - ما ليلة الفقير إلا شيطان
وقيل: هو اسم بئر.
وفقرت الخرز: ثقبته، وأفقرت البعير: ثقبت حطمه، فكأن الفقير لقلة موجودة قد دفن في فقير.
وأختلف الناس في الفقير والمسكين؛ فذهب الشافعي وجماعة أن الفقير أسوأ حالًا من المسكين؛ وهو من لا يقع ماله ولا كسبه اللائق به غير المانع له من النفقة موقعً من كفايته، والمسكين عنده من يقع ماله أو كسبه موقعًا من كفايته ولا يكفيه. واستدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر﴾.