هو التوصل إلى علمٍ غائيٍ بعلمٍ شاهدٍ، فهو أخص- أيضًا- من مطلق الفهم، ولذلك قال تعالى: ﴿ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ [الإسراء: ٤٤] أي ليس في وسعهم أن يعرفوا حقيقة ذلك.
ويقال: فقه بالضم أي صار الفقه سجية له وطبعًا. وفقه: أي حصل له فهم. وفقه- بالفتح أي غلب غيره في الفقه، نحو شعره أي غلبة في الشعر، ومصدر الأول فقاهة، والثاني فقهًا.
قوله تعالى: ﴿بأنهم قوم لا يفقهون﴾ [الأنفال: ٦٥] أي لا يعلمون العلم الشرعي. وقيل: لما لم ينتفعوا بمفهومهم جعلوا كأنهم مكونو ذلك كقوله تعالى: ﴿صم بكم عمي﴾ [البقرة: ١٨]. وقد كانوا ذوي أسماعٍ، السنة وأبصارٍ لكن لم ينتفعوا بها، كأنهم فقدوها. وفي دعائه عليه السلام لابن عباس: "اللهم فقهه في الدين" أي فهمه علم تفسير كتابك، وفي الحديث: "لعن الله النائحة والمتفقهة" يعني التي تفقه قولها وتتلقفه لتجيبه عن ذلك.

فصل الفاء والكاف


ف ك ر:
قوله تعالى: ﴿أو لم يتفكروا ما يصاحبهم من جنة﴾ [الأعراف: ١٨٤]. الفكر: قوة نظرية للعلم إلى المعلوم. والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك يختص من الحيوان بالإنسان، ولا يمكن أن يقال إلا لما يحصل له صورة في القلب إذ كان منها عن اتصاف بالصورة. وقال تعالى: ﴿أو لم يتفكروا في أنفسهم﴾ [الروم: ٨] وذلك ممكن لا محالة، وقد دل على ذلك قوله تعالى: ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾ [الذاريات: ٢١]. وقال بعض أهل الأدب: الفكر مقلوب من الفرك، لكن يستعمل في المعاني وهو فرك الأمور وبحثها طلبًا للوصول إلى حقيقتها.


الصفحة التالية
Icon