قوله تعالى: ﴿ترهقها قترة﴾ [عبس: ٤١] أي دخان يغشى وجوههم، وذلك إشارة إلى ما يرسله الله تعالى عليهم من اسوداد الوجوه وزرقة العيون، كقوله: ﴿فأما الذين اسودت وجوههم﴾ [آل عمران: ١٠٦] ليعرفوا من الموفق، نسأل الله العظيم مالك أمر ذلك اليوم أن يبيض وجوهنا وصحائفنا.
والقترة: ناموس الصائد الحافظ لقتار الإنسان أي الريح، لأن الصائد يجتهد في إخفاء ريحه عن الصيد لئلا ينفر ويند. ورجل قاتر: ضعيف، كأنه لخفته من ضعفه صار بمنزلة القتار كقولك هو هباء.
وابن قترة: نوع من الحيات، سمي بذلك لخفته وسرعة وثوبة. والقتير: رؤوس مسامير الدرع. ويقال: قتر يقتر ويقتر بالكسر والضم وقرئ بهما. وكان بنو عبد الملك يحسدون عمر بن عبد العزيز على كلامه، فجاء يومًا وبنو عبد الملك عنده فسأله عن حاله، فقال كالحسنة بين السيئتين، يشير إلى قوله: ﴿لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا﴾. وفي الحديث: "أن أبا طلحة كان يرمي والنبي ﷺ يقتر بين يديه النصال" أي يسويها.
والإقتار: سهام صغار، والقتر: نصال الأهداف. وقيل: يجمع له الحصى والتراب يجعله قترًا. وفي الحديث: "تعوذوا بالله من قترة وما ولد" يعني من إبليس، وقترة لقب له كأنه لقب باسم الحية الخبيثة.
والقتير: الشيب، وفي الحديث: "قال: قد رأت القتير. قال: دعها" قال الشاعر: [من الكامل]
١٢٣٢ - شاب المفارق واكتسين قتيرًا
وذلك على التشبيه بالاشتعال من الدخان ونحوه، وقد ذكر ذلك في لسانهم.