اقتدرت عليه.
وقرب العبد من الله تعالى عبارة عن امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومنه الحديث الذي يروى فيه عن ربه عز وجل: ((ولن يتقرب إلي عبد بمثل أداء ما افترضت، وإنه ليتقرب إلي بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه)) الحديث. وقال بعضهم: قرب العبد من الله في تاحقيقة التخصص بكثير من الصفات التي يصح أن يوصف الله بها وإن لم يكن من وصف الإنسان بها على الحد الذي يوصف به تعالى، نحو الحكمة والعلم والرحمة، وذلك يكون بإزالة الأوساخ من الجهل والطيش والحمية والغضب والحاجات البدنية بقدر طاقة البشر، وهذا قرب روحاني لا بدني، وعليه نبه الله تعالى بقوله فيما حكى عنه أمين وحيه صلى الله عليه وسلم: ((من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا)) إلى آخره، وقوله ((ما تقرب إلى عبد)) الحديث.
والقرب والبعد يتقابلان؛ يقال: قربت منه أقترب قربًا، وقربته أقربه قربانًا وقربًا. ويستعمل ذلك في الزمان نحو قوله: ﴿اقتربت الساعة﴾ [القمر: ١]، وفي المكان نحو قوله: ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ [البقرة: ٣٥]، والنسبة نحو قوله: ﴿ولو كان ذا قربى﴾ [فاطر: ١٨]، والحظوة والمنزلة نحو قوله تعالى: ﴿عينًا يشرب بها المقربون﴾ [المطففين: ٢٨] ﴿فأما إن كان من المقربين﴾ [الواقعة: ٨٨] ﴿أولئك المقربون﴾ [الواقعة: ١١]، والرعاية كقوله: ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع﴾ [البقرة: ١٨٦]، والقدرة نحو قوله: ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ [ق: ١٦] وكذا قوله: ﴿ونحن أقرب إليه منكم﴾ [الواقعة: ٨٥]. ولذلك قال بعده: ﴿ولكن لا يبصرون﴾ لأنه عنى تعالى بقربه قرب حفظته وملائكته التي وكلهم بتوفي أرواح بني أدم.
قوله تعالى: ﴿إذ قربا قربانًا﴾ [المائدة: ٢٧]. القربان في الأصل ما يتقرب به إالى


الصفحة التالية
Icon