البرد من حيث إن البرد يقتضي السكون كما أن الحر يقتضي الحركة. وقرت عينه تقر أي بردت، يكني بذلك عن السرور، وفي ضده: سخنت وذلك أن دمعة الفرح قارة، ودمعة الترح جارة، فالماضي مكسور العين والمضارع مفتوحها. وقررت بمكان كذا، عكسه.
وقرئ قوله تعالي: ﴿وقرن في بيوتكن﴾ [الأحزاب: ٣٣] بفتح القاف وكسرها، فالكسر واضحٌ وأصله ((اقررن)) كاضربن فالتقي التضعيف والكسر فحذف أحد المثلين المتحرك تخفيفًا، ومثله ((ظلت)) أصله ((ظللت)) إلا أنه يجوز هنا فتح الفاء وكسرها بعد الحذف نحو: ظلت وظلت إلا أنه لم يقرأ قوله: ﴿فظلتم تفكهون﴾ [الواقعة: ٦٥] إلا بالفتح لأنه الأصل. وقيل: من وقر يقر نحو وعد يعد. وأما الفتح فقيل: هو من قر بالمكان يقربه بالفتح في المضارع. وفيه نظرٌ لأنه لا مسوغ للحذف لخفة الفتح، والأولي أن يجعل من قار يقار أي اجتمع، فيكون مثل خفي من الخوف، وقد أتقنا هذا في غير هذا، وقال النابغة الذبياني: [من البسيط].

١٢٥٢ - أنبئت أن أبا قابوس أو عدني ولا قرار علي زارٍ من الأسد.
أي ولا أمن ولا ثبات ولا استقرار. ويوم القر: يومٌ من أيام النحر، لاستقرار الناس فيه بمني. كذا قال الراغب. وقال غيره: هو غد يوم النحر وهو الظاهر، نص عليه الهروي. واستقر فلانٌ: تحري القرار. وقد يستعمل في مكان قر كاستجاب وأجاب، وقال تعالي في الجنة: ﴿خيرٌ مستقرًا﴾ [الفرقان: ٢٤] وفي النار ﴿ساءت مستقرًا﴾ [الفرقان: ٦٦]. وقال ابن عباسٍ في قوله تعالي: ﴿فمستقرٌ ومستودعٌ﴾ مستقرٌ في الأرض ومستودعٌ في الأصلاب. وقال ابن مسعودٍ: مستقرٌ في الأرض ومستودعٌ في القبور.
الحسن: مستقرٌ في الآخرة ومستودعٌ في الدنيا. قال بعضهم: جملة الأمر أن كل حالةٍ ينقل عنها الإنسان فليس بالمستقر التام.


الصفحة التالية
Icon